Culture Magazine Thursday  03/05/2012 G Issue 372
فضاءات
الخميس 12 ,جمادى الآخر 1433   العدد  372
 
سفسطة مرفوضة!
أحمد حامد المساعد

 

 

** دعيت قبل سنوات لإحياء أمسية شعرية، وبعد ما بدأت المداخلات كالمعتاد، قال أحد متفيهقي النقد إن قول الشعر العمودي لم يعد يلائم المرحلة، وكان الاولى بشاعر الأمسية أن يسمعنا شعرا حديثا، لأنه الأكثر قبولا، ولم أفهم مرتكز سفسطته إلا من باب العداء لمدرسة إبداعية لا يتنكر لها إلا دعي ترك الأصول المتعارف عليها، ومنها حرية الناس في اختيار أقوالهم وأفعالهم ما لم تكن متعارضة مع الدين أو المروءة، وترك أدوات النقد الأدبي وقواعده ولم يتعرض مثلا للوزن والقافية وقواعد اللغة العربية وعنصر البلاغة وعامل التصوير والتشبيه والاستعارة، وغيرها مما لا يتقنه ناقد الغفلة أو حتى يعرفه، لكن حماسته لقصيدة النثر تحديدا كانت العامل الوحيد الذي جعله ينصِب ذاته وصيا على الموهوبين.. ومن هنا لن أصدمه في هذه السطور بالبيت العربي الشهير:

إذا الشعر لم يهززك عند سماعه

فليس خليقا أن يقال له شعر

فقد استهلك البيت إياه من كثرة ما استشهد به أنصار الشعر العربي الراقي الذي يزداد توهجا وتألقا بمرور الأيام، وكأن قصائد فحوله الأقدمين قد قيلت بالأمس القريب من كثر الاستشهاد بها على أحداث العصر ومستجدات الزمن ومنها قصائد امرئ القيس وزهير وابن العبد والأعشى مرورا بحسان والخنساء وابن الرومي والمتنبي وأبي العلاء، وصولا إلى شوقي وأبي ريشة ونزار والقصيبي، وغيرهم، وهل هناك أسمى من قيام العلامة أبي تراب الظاهري بالاعتماد على الشعر العربي في مؤلفه القيم «شواهد القرآن»؟.. ثم ألا يعتبر هذا اللون من الأدب الرصين مفخرة لفرسانه، بعد قول أفصح الفصحاء وأبلغ البلغاء صلى الله عليه وسلم: «إن من الشعر لحكمة» وهو الذي منحه مولاه جوامع الكلم ومع ذلك انبهر من روعته؟!

إن مهرجي الشعر المنثور، أو قصيدة النثر، أو ما رآه الأستاذ محمد حسن عواد من أن الأولى به أن يسمى «شنر» لأن المفردة تشمل الشعر والنثر بعد ما أخذ حرف الشين من شعر وحرف النون من نثر وحرف الراء منهما لوجوده في كلاهما، يهرفون في مدحه واعتباره «وجه البقشة» بما لا يعرفون، ولعل أولى مشكلات قصيدة النثر تكمن في مسماها الذي لم يستقر على مسمى محدد.. ثم أين آثار رموز هذا اللون من التعبير، من أمثال البياتي ودنقل وغيرهما، وأين تكمن الحكمة فيه، وأين عبارات الاستشهاد المستخلصة منه، ومن هو الذي سيحدثنا عن محفوظاته من قصائد تخاطبنا بأسلوب «ضياء الظلام» و»ظلام النور» وغيرها من عبارات تحريف الكلم عن مواضعه؟!

وحتى لو رضينا بالهمِ فإنه لم ولن يرضى بنا، ألم تروا أن المفتونين ب «الشنر (!)» يريدون نسف «ديوان العرب» من أساسه كما يريد اليهود اجتثاث الفلسطينيين من جذورهم ؟.. حقا إنها سفسطة مرفوضة.. فهل من مدكر؟!

صورة:

** يقول الحق سبحانه: {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ}!!

الباحة

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة