استضافت مجلة التنمية الإدارية الصادرة عن معهد الإدارة الزميل الدكتور إبراهيم التركي مدير التحرير للشؤون الثقافية في حوار حول الإذاعات الخاصة التي امتلأ بها الفضاء الأثيري مؤخرًا وذلك ضمن تحقيق شامل أعده الزميل نايف الحسين، فجاءت إجابته:
كنتُ ممن قابل هذه الإذاعات بكثير من الفرح وقليل من التخوف، وربما انعكست الصورة اليوم؛ فما سمعناه في بعضها يشير إلى شيءٍ من السرعةِ إن لم يكن التسرع في الإعداد والتقديم وتوظيف الكوادر الإعلامية القادرة على فهم طبيعة العمل الإذاعي ومحاكاة متطلباته.
ولأنها إذاعاتٌ شابة وموجهة لشباب واعد فلا يجوز تطبيق معايير الإذاعات الرسمية عليها لا من حيث الشكل ولا المضمون؛ غير أني أجد أن الشباب الصغار تجاوزوا كثيرًا من طرحها ولم يألفوا نطق ومنطق بعض مذيعيها، وفيما عدا ما تبثه من برامج متخصصة في الرياضة ، وعليها ما عليها من التحيز والمبالغة والتسطيح وتجييش المشاعر، فإن البقية تحتوي على برامج محدودة يمكن القول عنها إنها تخاطب الهمَّ المجتمعي وتتماشى مع تطلعاته.
لا أجد لها في معظم برامجها دورًا تثقيفيًّا أو تنويريًّا بل تكاد تجسد التسطيح والرداءة في حواراتها المباشرة، وفي الظن أن كثيرين يحجمون عن سماعها فضلا عن المشاركة فيها لما يرونه من عاديةٍ تصل درجة الابتذال.
يبقى أن لها مستقبلا مضيئًا إذا راجعت خطواتها وقرأت الواقع المجتمعي بعين التأثير والتطوير والتغيير واختارت أن تكسب النخب لتكسب الجماهير دون أن تتخلى عن خفة برامجها وحيويتها ومباشرتها العلاقة التواصلية مع المستمع بكل فئاته العمرية والتعليمية والاجتماعية.
انتشار الإذاعات ظاهرة مقبولة والميدان الإعلاني والإعلامي هو الذي سيحدد ما يبقى وما يندثر؛ فلا خوف إن ازدادت لأنها تحتكم لقانون السوق الاستثماري، ومن لم يواكب التقنية والعصرنة ويقرأ واقع المجتمع فقد يجد إذاعته خارج المنافسة.
لا أخشى السلبيات فنحن نعيش في فضاء سايبروني مفتوح لا سقف له، والرهان على وعي المجتمع أكبر من الرهان على وسائله الإعلامية؛ أكانت رسمية أم خاصة.