حسب تعبير بليغ للكاتب الشهير محمد حسنين هيكل يقول: في العالم الحر يحاسب الكاتب على أفكاره لا على حياته، وتقيم كتاباته لا قمصانه، تحاسبه مواقفه العامة لا حياته الخاصة، والسبب هو الحرية التي يتمتع بها الناس هناك ولا يعرفها الناس هنا. ولهذا السبب فإن غالبية الكتاب العرب يفعلون المستحيل لإخفاء حياتهم الخاصة. فهي الثغرة التي تتسلل منها أجهزة التشهير وكتائب الإعدام التي تتحرك طوال الليل والنهار لاغتيال شخصية كل كاتب يحاول الخروج عن عقلية القطيع واندفاع القطيع!
ويضرب الكاتب الشهير مثالا على كاتب ومفكر مصري كبير مثل الدكتور لويس عوض. فقد تركت الناس كل مواقفه السياسية ومعاركه الفكرية، ولم يلفت نظرها في مذكراته الشهيرة سوى متاعبه العائلية مع أبيه أو مع أخيه. كما توقف الذين قرأوا سيرة حياة الكاتبة المصرية الدكتورة لطيفة الزيات طويلا عند اعترافها بأن سر تأخر طلاقها من الدكتور رشاد رشدي - الذي اختلفت معه فكريا وسياسيا - هو حاجتها الخاصة جدا له.
ولا يزال هناك كثيرون عندنا يعتقدون إن مقياس الإنسان هو حياته الخاصة، والتي لا ينامون حتى يعرفون كل تلك الأسرار. بل ويشعرون أحيانا أن هذا من حقهم الأصيل.
فالمفترض في الكاتب أن لا يعجب القراء أحيانا في كتاباته، ولكن يعجبهم في شخصيته ومعيشته وأصدقائه وربما أهله أيضا، ويعجب كذلك في شكله وثيابه ورشاقته!
وبهذا المعنى فإن حياة الكاتب هو ملك الناس وليست ملك له، وتبدو وكأنها حياة يتقاسمها مع آخرين.
عندما يكتب الكاتب فإنه لا يخرج في نزهة ولكن يواجه مجتمعا معقدا وأفكارا متناثرة تملأ عقول القراء، وبينما هو يجاهد لإيصال كلمته ويقرأ ويتابع يفاجأ أن عددا ليس هينا من القراء يتصيدون أخطاء صغيرة له هنا وهناك، أو يتدخلون في حياته الخاصة بشكل فضولي وسخيف.
وإذا انتظر الكاتب تقييما لكتاباته أو أفكاره فإنه كمن ينتظر سرابا!
-
+
Albassamk1@hotmail.com
- المنامة