أَعْتَبُ/ هي على وزن أفعل، والعتبُ اللَّومُ، والعتبُ أصلٌ فيه، والعتاب بكسر العين اللوم برفق مع حدة.
وعتب يعتب لام يلوم، والعتبُ غالبه في دائرة السِّر، وهذا إنَّما يكونُ بين والد وولده ووالدة وولدها أو ابنتها، وصاحب وصاحبه وقريب وقريبه؛ ذلك أنَّ اللَّومَ إنما يكون عتاباً مع حكمة وتنبيه وتوجيه وبيان، وغالبه إنِّما يردُ على سبيل الترفق، ويدخله التَّعريضُ والمعاريضُ إذا كان المعاتبُ حصيفاً عاقلاً لا يكرر: الخطأ والسفه والتعالي.
وعتب فلانٌ على فلانٍ لامه مع نصحٍ وبيانٍ لحصول ما عُوتبَ به عليه، والعتابُ بخلاف النَّقد؛ فالنَّقدُ يكونُ مع ظهور الأمر بياناً للناس، والنقد بخلافه؛ لأن النَّقدَ قد يكونُ دوافعه كثيرة، منها على سبيل المثال:
1- الجهل بحقيقة المطروح.
2- التعالم.
3- حب الانتصار.
4- تعويض نقص ما.
5- الكتابة لمجرد الكتابة.
6- الحسد مع التجهيل.
7- قد يكون واجهة لغيره.
8- إظهار العظمة والتفرد.
لكن النقد له واجهة حسنة لم تزل الإنسانية بحاجة إليه لو وُجِد على حقيقته. ومن علامات النقد الجيد المفيد ما يأتي:
1- الموهبة الواعية.
2- نقد المطروح ذاته دون طارحه.
3- البُعد عن الإسفاف والتنقص.
4- بيان وجه النقد بحيثيات وشواهد.
5- إيجاد الأعذار للمنتقد.
6- التجديد في آليات الطرح النقدي.
7- السبق في إيجاد ركائز عالية القيمة الأخلاقية في أصول الحوار وبيان الخطأ والصواب.
واليوم 99 % مما يُطرح مما يُسمى نقداً ليس كذلك، إنما عرض أو دراسة لعمل ما، ولا وجود للنقد، خاصة كُتّاب المقالات أو الكتيبات المسماة نقداً، بدليل أنَّ هُناك إسقاطات نفسية يبثها هذا وذاك قد تشبعت بالوصاية أو انتخاب مفُردات غير خُلقية أو التَِّجهيل أو الاستكبار أو النبش عن النوايا.
قالَ ابنُ لحيدان: وأعود لعتب يعتبُ فهذا كلامي، لكن أدخلتُ النقد هُنا لأهميته ولمعرفة أصوله والتفريق بين نقد ونقد، ولئلا يتم الخلط بينه وبين اللوم على حال تدوم.
وإذا عرفنا جميعاً هذا وسابقه فقد رأيتُ أن أبيّن أمراً ذا بال حول (عتبة بن غزوان). وعُتبة على وزن فُعلة بضم الفاء وإسكان العين وإنَّ هُناك من زعم أن قبيلة عتبة، القبيلة المشهورة، تعود إليه، ولم يصح هذا لافتقاره إلى ناهض مادي بسند صالح.
وقبيلة (عُتبة) قبيلة هوازنية لا قحطانية كما يزعم مَنْ يزعم ذلك، وأصلها - حسب فهمي الاستقرائي لها ولغيرها - أنها هي: (هوازن)، وهي تعود إلى (قيس) بن منصور ابن عكرمة بن خفصة بن قيس عيلان.
وكانت تسكن الحجاز، وتفرقت خلال العهود ما بين الحجاز ونجد، خاصة وسطه وشماله الشرقي. وعتيبة ليست من ثقيف بل هم (حُلفاء)؛ فقد كانت ثقيف وعتيبة تسكنان الطائف معاً وإن تفاختت عتيبة بين حين وحين ما بين الطائف وقراها، ولاسيما الشرقية منها والشمالية الغربية.
ومن هذه القبيلة الجيدة (بنو سعد)، سكنت شرق جنوب الطائف، منهم (حليمة السعدية)، ولها بنت تُسمى (الشيماء)، وفدت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم (حُنين) فبسط لها رداءه ورحب بها، وهي أخته صلى الله عليه وسلم من (الرضاع)، صحابية جليلة رضي الله تعالى عنها، وهي أسن منه بكثير.
ولولا أن «المعجم» ليس بذي تطرقٍ واسع لمثل هذا لتوسعتُ فيه طراً لكنَّه خاص بمعاني المفردات ودلالاتها وما ترمي إليه، سواء أكانَ خاصاً أو كانَ مُشتركاً بين لفظٍ ولفظ وبين لفطٍ ومعنى، وكل ذلك مني لتدبر المعاني الواردة في الآثار والروايات وسوى ذلك.
-
+
- الرياض