الثقافية - سعيد الدحية الزهراني
في الوقت الذي تربعت فيه تكنولوجيا الاتصال والإعلام الجديد على جُلّ الاتجاهات الحالية ومختلف مناطق التفكير والذهن والفعل لإنسان هذا العصر (القادم أعم وأشمل) لا نزال نسمع مَنْ يردّد وينافح عن سجل العرب وحافظة تراثهم..
فمن حاملي لواء الشعر الذين يرون أنه ديوان العرب وذاكرتهم.. إلى المنادين بفن السرد الذين يبشرون بسجل وذاكرة جديدين.. متناسين أن هذا الطرح بات في طي المهمل منذ زمن.
ففضلاً عن تجاوز الحالي لمنطق الأدب بوصفه الضيق المحدود.. والانتقال إلى الرؤية الثقافية الأعم في جُلّ تفريعات ومحركات التعاطي الإنساني.. يبرز الجيل التقني المسلح بأدوات الرقمية التكنولوجية عبر وسائل الاتصال الإلكترونية الكونية من خلال شبكة الإنترنت العالمية.. ضارباً بتلك التهويمات العابرة عرض الفضاء الافتراضي الذي يختزل منجزات أمم بضربة زر على رابط تشعبي يدعمه وسائط متعددة ونصوص فائقة تحيل إلى عوالم تتوالد منتجةً مزيجا من سجلات وذواكر إنسانية ثقافية كونية على غير نسق سابق.. في صورة تبرهن على أن هذا العصر هو عصر اتصالي بامتياز.. جاء ليغير أبجديات وثوابت ومسلَّمات ونظريات استقرت إلى أن تكلست وتكلس معها أجيالها ومجايلوها..
وهنا نقف مع الدكتور عبدالله الغذامي الذي يقول في كتابه القصيدة والنص المضاد: «الشعر هو صوتنا وهو كلمتنا وهو نحن».. عندما صرح لهذه المجلة حول مؤتمر الأدباء السعوديين الثالث.. مشيراً إلى أهمية أن يكون فعلنا واشتغالنا على الثقافي والمعرفي متسقين في ذلك مع الاتجاه العصري نحو كل ما هو ثقافي بصورة أكثر شمولا واحتواء.. متجاوزين بذلك الانغلاق حول دائرة الأدب الضيقة.. لنسأل في هذه الأثناء عن رؤية الدكتور الغذامي لفضاء الإلكترون والأجيال الشبكية والعوالم الافتراضية التي باتت سجل الإنسانية جمعاء وعلى مختلف المستويات والاتجاهات «والأنساق» إذ نستميل أستاذنا الغذامي بمفردة «النسق».