رغبة
عندما رفضت رغبةَ أمي بالزواج من الفتاة التي اختارتها، شككتُ في رجولتي، يومها دخلتُ الحمامَ وألفُ فكرةٍ تصحبني، فتحت صنبور الماء الدافئ وارتجف جسدي..
بعد خروجي قالت أمي: أريد أن أرى أبناءَك قبل موتي. ساءلتُ نفسي، أليس بالإمكان التوصل إلى الأبناء دون زواج ٍ؟ خرجت لعملي ويدي التي تكتم أسراري تغلق الباب خلفي…..
المذياعُ كان يبث برنامجا حول الشباب في الخمسين، استمتعتُ به ويدي تناوش تفاحتي، الطفل الذي لوح بيديه وهو يصعدُ الحافلة المدرسية عكر صفوَ يومي..
صراخ الخيبة
لا أحد يكترث لإبرة على الإسفلت، لا أحد يصف العتمة غير الذي عاشها، تماما كأن تعيش طوال عمرك مذهولا لرؤية مذنب تدرك يقينا أنك لن تراه مرة أخرى. بالأمس القريب لمحت مذنبات تجر بشرا، الدهشة لم تعترِنِ! كنت في الضوء وكانوا مثل الإبرة على إسفلت متهرئ، يصرخون على بعضهم لكنهم لا يسمعون.
أنين السمر
جلست الخراف على طاولةٍ واحدةٍ، تكلمَ كبيرُهُمْ: نحنُ هنا كي نخففَ الحِملَ عن الجميع، جميعنا معنيون بما يحصل، عامة الخراف التي لم تحضر علينا تلمس أوجاعها وإيجاد حل لكل مشاكلها..
طلب أحد الخراف الحمر الكلامَ فسمح له، قال: مالنا والخراف السمر؟ عليها أن تحل مشاكلها بنفسها، هي غير قادرة على أن ترعى في مكان واحد وهي مشتتة أيضا ولا تحب نفسها. لماذا لا نناقش انتقالنا للمرعى القريب؟ لماذا لا نكون يدا واحدة في وجه هذه الفوضى؟ نحن الخراف الحمر لنا مكانتنا. كيف ترعى معنا الخراف التعيسة!!؟
نظرَ كبيرُ الخرافِ وبدا أن الفكرة راقت له، قال: نعم علينا أن نرحل، هذا المكان لم يعد متسعا لنا..
حزم الحمر حقائبهم، ضحكوا طويلا، بينما الخراف السمر أنينها يصم الآذان....
عبور
كان يحلم بليلة حمراء!
صوتها الذي يعانق روحه لا يحتاج إلى بوابة عبور ليجتاح كل شيء، مثل كل ليلة إن لم ينم على سماعها يقبل الصورة التي تسكن جهازه وهو يهيئ لليلته, أوجد لنفسه جواً مريحاً، اسطوانة وكأس يأخذه للبعيد، صوتها الذي لم يشابه ما اعتاد أذهله، لم يجد حبيبته!
وجد روحاً متعبة وتراتيل تيه!!
قلبه الذي طالما عانقه الحزن قال لصاحبه: من قال إن الله يحبك؟
أقفل الاتصال.. بعد ثوانٍ معدودات جاءته رسالة: أنت لست أنكيدو وأنا لست عشتار، لكني أحبك.
نظر من شباك غرفته، وهو يخاطب السماء: أعرف أنك تمزحين وأنا أحبك أيضاً..
الهاتف يرن..يرن
خاف أن يرد فيفقد ليلته الحمراء.
إياب
بعد أن تعافى قال: بابا، شعرت أن الكون كله ملكي!
بسمته الآخذة بالاتساع، يداه الممدودتان نحوي، جسده وهو يتسلق ظهري! رجلاه العاريتان إلا من طهره، كم كان الله كريما معي ليعيد ابني الصغير إلي..
وأنا ماضٍ لصحبة نبضي وأمه، الضياء يملأ الكون، النوارسُ تعود كما السفن والنهامُ يرفع صوته: ياليل ليلة لدان..
حاجز التفتيش وفرحتي أخرا لقائي بهما.
زيارة متعبة
يكرر قوله بعد أن يعود من وجبة التعذيب: لن أخون صاحبي!
سنتان وضباط التحقيق لم يظفروا منه بشيء، عندما أطلق سراحه, كان الوضع العربي متوترا بفعل زيارة السادات للقدس، لم يتسنَ لعائلته وجيرانه أن يفرحوا به..
بعد يومين، اقتحمت المباحث منزله، وجدوه يتمتم: لن أخون صاحبي، وهو يحتضن رواية"رجال تحت الشمس".