(إلى معلمنا من تأبط بنا خيرا... إلى نخلتنا الواقفة أبدا.. عارف المسعر)
وبعد...
اليوم سأقول إليك لا لك ما أنت فاعله.. اليوم سأفعل لك لا إليك ما أنت قائله.. لكني - وصفحا - لست بالذي هو فاعلٌ ما أنت فاعله.
وقبل...
هل إلى السبيل إلى سبيلك من سبيل؟.. وإن لا... هل إلى إضاءة عنك من سبيل؟ فالسبيل إلى من كان مثلك عصيةٌ على من كان مثلي.
فأما قبل.. وأما بعد..
يا أيها المتعب أبدا في الفضيلة والجمال... والمتخم أبدا بالبياض... والممتد أبدا في الوطن والطفولة.. والمطر.
أركض صوبك اليوم متأبطا كراستي التي تعرفها... وقلمي الذي يعرفك... وعلى أطراف أصابعي بقايا من حصة الرسم! وعلى شفتي حكايا مبعثرة من حصة التعبير.
ولست على إثرك بالذي يدري...
ألأنك من أنهكه الصهيل ليسدي للقافلة غبارها؟
ألأنك من صدع بالعذوبة ليُرجع لحروف الغوص مخارجها؟
ألأنك الأكثر لياقةً في القفز على الحواجز للمسافات الطويلة؟
ثم ماذا؟؟
أهي طباشيرك؟ أم تباشيرك؟
فحيرتنا إذ اقتفيناك.. أهي طباشيرك التي حملتَ وحلمتَ بها داخلاً؟ أم تباشيرك التي تدرجتَ وتضرجتَ بها خارجاً؟ أم تُرى هما الحسنيان؟
وأيضا ثم ماذا؟؟
أو لستَ من يسعى في الملأ والمدينة وفي الأزقةِ والحارات ثم لا تقع له عينٌ إلا على تلميذ؟
فيا أيها المنقوش في وجوهنا.. إني لأعجب لشمالك وقد صفقت جهلاً بما نقشت يمينك... فمُرها تحدق بأحداقنا وتتفرس وجوهنا كي تقرأ ما نقشتَ.
بالأمس علمتنا (أ ب ت) وما من جزع اليوم إن تهجيناك... بالأمس علمتنا الرماية فلا غضاضة اليوم وقد اشتدت سواعدنا فرميناك بما أنت له أهل.
غمستَ يدك في ترابنا فأين هو الضير اليوم إن أخرجتها بيضاء من غير سوء؟
ثم ماذا؟؟
أما زلتَ تستمرئُ الهجيعة؟ وما دَرَىَ الأهلونَ إن هجعتَكَ اليوم صخب... وأن صمتك الآن ذهبٌ... فلا تَكِلْنا إلى الهجيعةِ إن هي إلا الفيجعة؟
يا سيد الواقفين... ما ماتت عصاك اليوم وإن ألقيتَها فإن هي إلا حيةٌ تسعى... تتبخترُ في الجموعِ... تقرأ النخيلَ والسنابلَ والقلمَ وما يسطرون.
قالت الأعراب (الحبُّ لا يقال) فأين منا العذر في صمتِنا وقد طال صمتُك؟ وقالت الأعرابُ إنّ كلامنا فِضة ومن غفلةٍ ما تنبهت الأعرابُ أن السكوتَ عنك ليس ذهباً!
فيا سيد الواقفين...
بزغتَ علينا من زعفرانة حملتك وهناً على وهن وألقَتْ بلك فوق أعناقِنا فأنَحْنا ركابنا وقد ارتوت العِيسُ.. وتحت الغيمةِ الخيمة... فكان الكلأُ.. والكمأ.. والزعفران.
فلا غضاضةَ اليوم.. لا غضاضةَ اليوم.. فبك الأهلونَ نشوانونَ وجذلاً قاعدونَ... فألقِ عصاك اليومَ ساعةَ الضُّحى... واهْطُلْ علينا... وادهقِ (الشاذليةَ) وافهقِ الربابة.
مشرف المحيميس