قال لي أديب يشبه جواداً عجوزاً غير مروض: سأموت عما قريب مفعماً بالحزن لأني لم أتمكن من تأليف كتب غير مألوفة حلمت دائماً بتأليفها.

فقلت له مشجعاً: لا تحزن ولا تأسف، فالله وحده هو الحي الباقي، والتحدث عن الكتب التي تحلم بتأليفها سيمتعك كأنك قد ألفتها فعلاً. فبادر الأديب العجوز إلى التحدث عن الكتب التي يحلم بتأليفها.

حلم الأديب العجوز بتأليف كتاب موجه إلى كارهي الشجر والبشر والعشب، يرشدهم إلى أحسن الوسائل الكفيلة بقطع الشجر ومحو البشر والعشب وتحويل الأرض الخضراء أرضاً جرداء بأرخص كلفة وأقل جهد، فقلت له إن كتابه سيكون شبيهاً بمن يحاول تعليم أم الطفل المقتول اللطم والنواح.

وحلم الأديب العجوز بتأليف كتاب يعلّم الناس كيف يمشون على وجه الماء، فقلت له إن كتابه سيقابل بالاحتجاج والغضب من مالكي السفن، وسيبتهل الناس إلى الله مناشدين ألا يصدر كتاباً آخر يعلّم سائقي السيارات السير على وجه الماء الأحمر.

وحلم الأديب العجوز بتأليف كتاب عن فوائد الصمم، فقلت له إن كتابه سيؤثر في القراء بحيث يتكاثر عدد الذين لا يسمعون، ويتزايد عدد الوجوه الضاحكة.

وحلم الأديب العجوز بتأليف كتاب عن مشاهير المجانين في القرن الحادي والعشرين، فقلت له إن قراء كتابه سيكتشفون حتماً أن أخطر المجانين كانوا يكمنون في المجالات السياسية والفكرية، وليس كل من قيل عنه إنه عاقل هو عاقل.

وحلم الأديب العجوز بتأليف كتاب عن إدمان المخدرات وأخطاره، فسارعت إلى نصحه بأن يؤلف على عجل كتاباً آخر عن إدمان النفاق والرياء.

وحلم الأديب العجوز بتأليف كتاب عن دور الإعلان في تحويل الناس نوعاً من الدمى المثيرة للهزأ، فقلت له إن كتابه سيظفر بالثناء الجم لأنه قد أصبح من العسير حالياً التفريق بين إنسان ودمية.

وحلم الأديب العجوز بتأليف كتاب عن كلمتي (نعم) و(لا) ودورهما في الحياة، فقلت له إن كتابه سيتحير ويضطرب ويرتبك أمام أناس يقولون (نعم) و(لا) في آن واحد، وسيعجز عن الوصول إلى تأويل مقنع.

وحلم الأديب العجوز بتأليف كتاب عن الحرية يتضمن شهادات أناس ما زالوا أحياء يدعون أن الحرية كانت حية وموجودة ومعروفة وذات شأن، فقلت له بصوت آسف إن كتابه بمجمله سيُتهم بالكذب المفضوح الشائن، وسيعجز عن نفي ما اتهم به.