* الثقافية
سيظل كتاب (شعراء نجد المعاصرون) ذا فضل كبير في التأريخ للحركة الثقافية السعودية في وسط الجزيرة العربية متماثلاً مع الدور الآخر الذي قدّمه كتاب (التيارات)؛ فكان للأستاذين الرائدين عبدالله بن إدريس وعبدالله عبدالجبار حضور مضيء خلال فترة منطفئة إعلامياً، وقد تأثر أستاذنا الكبير ابن إدريس بوفاة الشاعر الكبير عبدالرحمن المنصور، فكتب لنا خطاباً يفيض وفاء وتأثراً، وإذ تنشره الثقافية فإننا نحيل القارئ إلى الكتاب العتيد العميد، وسننشر بعض النصوص في عدد قادم إن شاء الله، مكتفين هنا بالإشارة إلى سبق صاحب «شعراء نجد» الذي أدرك تميز المنصور قبل نصف قرن.
جاء في رسالة الشيخ ابن إدريس-حفظه الله-:
الأخ الكريم والابن الحبيب الدكتور إبراهيم بن عبدالرحمن التركي سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأسعد الله أوقاتك بكل خير..
قرأت في (المجلة الثقافية) عدد يوم الاثنين الموافق 9-3-1429هـ ما كتب الأخ خالد بن قاسم الجريان في المرحوم الأستاذ عبدالرحمن المحمد المنصور..
وقد آلمني أن الرجل ذلك الشاعر الرقيق؛ لايزال كما عرفته منذ خمسين عاماً يائساً بائساً؛ لا تعرف البسمة ارتساماً على محياه؛ إلا نادراً حتى إن الكاتب الجريان ذكر أن المنصور - رحمه الله - قرأ عليه قصيدة فانفجر باكياً.. ولما سأله ما سر هذا البكاء؟ قال المنصور: هكذا أنا؛ وقال: من كثرة بكائي جف مدمعي!
وقد ترجمت للشاعر عبدالرحمن المنصور في كتابي (شعراء نجد المعاصرون) الصادر عام 1380هـ 1960م وقلت: (إن في شعره ملامح من شعر نازك الملائكة) (.. وكان في عهد الدراسة غريباً يشجي النفوس؛ ويطرب الوجدان بأنغامه الحارة الحلوة.. فلما أنهى الشاعر دراسته وجلس على كرسي الوظيفة.. استكان إلى الهدوء والراحة، وحطم القيثار ومزق الأوتار، ولم نعد نسمع منه حتى رنة الحزن أو صدحة الفرح..).
هذا الكلام قلته عن المنصور منذ خمسين عاماً.
والذي آلمني إذن أن المنصور عاش هذا العمر الطويل بنفس الروح اليائسة الحزينة التي لم تر في الحياة ما يسعد وما يستحق الفأل الجميل!
آخي د. إبراهيم لقد أثبت في كتابي عدداً من القصائد الجميلة للشاعر - رحمه الله - أرفقها لك بطولها وأترك لك قرار نشرها كاملة أو تختار منها ما تراه.
رحم الله شاعرنا عبدالرحمن المحمد المنصور وغفر لنا وله وأبدله بدار السعادة عن دار الحزن والكآبة.
والله يتولانا جميعاً بعفوه ومغفرته.