Culture Magazine Monday  24/03/2008 G Issue 240
الثالثة
الأثنين 16 ,ربيع الاول 1429   العدد  240
 

مساء شاعر
إبراهيم بن عبد الرحمن التركي

 

 

(1)

في حضرة الشعر

تبحث العينُ عن الضوء

والهاجرةُ عن الفيء

والمنام عن الأحلام

وفي مساء الشاعر

ترتحل المشاعر

فتقترب وتغترب

ويلتقي العشاق بالأشواق

والمأساة بالملهاة

والسفر والسهر بالحياة

(2)

أستميحُ الشعر إن فرت حروفُه

وأناجي الوصل ما لاحتْ طيوفه

ضاقت الأرض بمن كلت سيوفه

فالهوى لون الغوى

والجوى طعمُ النوى

واغتراب الذات للبدر خسوفُه

(3)

في مساء الكلمة

تشرقُ الذاتُ بنوء الأوسمة

ويُطلُّ النجمُ من دون سِمة

هاهنا الليلُ يغيب.. والفضاءاتُ تُجيب

يبدأُ الخطوُ هنا.. وهنا الشدوُ لنا

ولنا يصحو الغروب..

(4)

أطلقها تولستوي يوماً:

آه.. أيتُّها اللّغة.. كم أنتِ جميلةٌ وخطرة..

نتذوق جمال اللغة

ونفكر بخطرها كما أثرها:

وهكذا نسير مع الشاعر، ونرتحل مع المشاعر

(5)

الهواء الطلق لا تثنيه قشه

ومسار النهر لا تعنيه رشه

وحمام الأيك لا يجهل عشه

افتح النافذة الآن أمام الضوء

حدق في مسارات الهوى

وارم رايات الغوى.. وأطل.. ثم أمل

وارو ما قال الألى: من ترى يقبل غشّه

(6)

هكذا نحن حين

يجمعنا الشعر بالشاعر

فكيف إذا كان سيد الشعراء؟

وهكذا نتجلى مع الحلم

فكيف إذا كنا برفقة

فارس الحلم

وهكذا إذا نحن بين الرمل والنخل

فكيف بنا مع من نادى:

أطلق صهيلك هذا الرملُ والطلل

هذي جذورك في عينيك تشتعل

يا دار عبلة إني دمعة طفرت

ورحت في شهقة الصحراء أرتحل

طفولتي في يدي أذرو براءتها

على الطريق فعمري مورق خضِل

(7)

وكيف إذا كان

من لم تكفه جذوره

ولم تُلهه بذوره

فعاش الصحراء والخيمة

وطاول النجمة والغيمة

وناداه العرار والمزار

وأنشد للتاريخ بأعلى الصوت

وحكى في زمن الجبروت

وصية أبي بكر، وأينها من استباحة غزة والزوراء:

الجيشُ نهر من تسابيحٍ

ونهر من سيوفِ

والقائد الأعلى رؤى

علقت بمجهول مخيفِ

وتندُّ غمغمة وتقتحم

الصفوف إلى الصفوف

لا تجرحوا بسيوفكم

حلما على غصن وريفِ

لا تقلقوا أنشودة

رقدت على وتر شفيفِ

لا تقطعوا خضراء لا

يُنْضَ السنانُ على ضعيفِ

لا تزعجوا شيخا ولا

طفلا وتمطرُ كالحفيفِ

كالنور كالحُب الوصيةُ

في المئينَ وفي الألوف

ويسير نهر النور

يا أعلامنا في الأرض طوفي

(8)

وكيف إذا كنا معه

ونشهد زمنَه

وهو معنا يتحامل على ظروفه من أجل ضيوفه

فيهدينا أغلى القصائد

ويعزف أجمل الكلمات

(9)

وكيف

إذا كنا معه نحتفي به

وكان معنا

نستمع ونستمتع وهو

يهدينا أجمل الشعر:

أنا ما أزال كما عهدتَ بفكرتي أتمنطقُ

وأجوب أقطار العروبة شاعرا يتمزق

والوحدة الكبرى شعاري وهي فوقي البيرقُ

يتساقط العشرات حولي في الطريق فأشفق

وأقول تجربة وخمس بل وعشر تخفق

لكن هذا الحلم حلمي الضخم سوف يحقق

(10)

من أجل (أبي معن)

سأستعيد بيت الجواهري:

هل كنتُ تخلدُ إذ ذابوا وإذْ غبروا

لو لم ترضْ من جماح النفس ما صعُبا

وسأخالفه للمرة الأولى والأخيرة:

(الحكم للتاريخ فانتظري

يا أم معن حُكمه الساري

لو كانت الأشعار مجديةً

لربحتُ إكيلاً من الغارِ)

كل الأكاليل لك يا سيد الشعر،

(11)

لن أطيل

فهو (المعرفة) يستغني عن التعريف

وهو الهرم لا يحتاج إلى تقديم أو توصيف

فلأقل:

إنه الشاعر

وإنها القصيدة

وإنهما: سليمان العيسى وجزيرتنا العربية

مجتزأ من تقديم الأمسية الشعرية للشاعر العربي الكبير سليمان العيسى ضمن معرض الكتاب. 09-03-2008م -الرياض- ويتزامن نشره مع يوم الشعر العالمي .


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة