آخر المسابقات التشكيلية في المملكة كانت الرابعة للفنانات التشكيليات السعوديات، تنظمها وزارة الثقافة والإعلام. كانت الأعمال كثيرة بالقدر الذي خلق نوعا من التنوع والاختلاف والتباين أيضا فالمستوى العام المفتوح لكل الفئات يجعل من الطبيعي الإقدام على المشاركة بسيطا لا يحده إلا لجان التحكيم وعلى نحو محدد.
المسابقات أو العروض التشكيلية النسائية تأخذ تخصصها أو الاهتمام بها من جانب منح الفرصة لأكبر قدر ممكن من الأسماء التشكيلية، هذا الاهتمام بالتأكيد سيتعدى إلى الخارج والوزارة تحرص على تواجد أعمال الفنانة التشكيلية بجانب الرجل، وبالتالي يتم التساؤل: لماذا المعارض النسائية المخصصة؟. ثم هل هناك بالمقابل معارض خاصة بالرجال؟؟
منذ قرابة العشرين عاماً أو أكثر كانت الرئاسة العامة لرعاية الشباب عملت على هذا المنوال عندما نظمت معرضاً للتشكيليات السعوديات في ألمانيا ولقلة التشكيليات السعوديات المتقدمات للمشاركة تم تطعيم المعرض بأسماء أجنبية عدّت كضيوف للمعرض، وفي معرض آخر في الولايات المتحدة الأمريكية رافقه الفنان الراحل عبدالحليم رضوي كان أن حدث حينها إشكال حول مشاركة إحدى الفنانات التشكيليات وقد تدخل الفنان رضوي في إحدى لوحاتها بالتعديل اجتهاداً منه لأن المستوى لم يكن المؤمل.
ربما لم تكن القناعة وقتها كافية ببعض المستويات لكن التشكيلية السعودية في الواقع واكبت أخاها الرجل منذ البدايات تقريبا فهي رسمت منذ أوائل الستينات الميلادية وعرضت في نهايتها بشكل مشترك، صفية بن زقر و منيرة موصلي اسمان هامان شكلا تواجداً مبكراً واكب بعض الفنانين الأوائل فرضوي أقام معرضه في العام 1964 لحق به الراحل محمد السليم العام1967 وبعد عام كان المعرض المشترك بين صفية بن زقر ومنيرة موصلي في جدة. بالتالي فإن العرض المنفرد للتشكيليات دون الرجال ليس له ما يبرره إلا التشجيع ومنح الفرصة للأسماء وللتجارب والمحاولات الجديدة وعدم مضايقتهن بنتاج الرجل الأكثر خبرة واحتكاكا وتواجدا على الساحة المحلية والعربية.
معرض المسابقة النسائية الرابعة لوزارة الثقافة والإعلام سبقته محاولات من فنانات في الرياض أو تنظيم معارض للتشكيليات في الدمام كما أنه نشأ تجمع فني نسائي في القطيف وغير ذلك كثير، بمعنى أن هناك إحساسا بالتخصيص من قبل الفنانة والحرص على تقديم نفسها كأنثى.
في جدة وقبل أعوام شاهدت معرضين أحدهما للواعدات وآخر لخريجات دورة تدريبية نظمها المركز السعودي بجدة وكان المعرضان في فترة واحدة فالمستويات متقاربة وعدد المشاركات في المعرضين يقترب من المائتي اسم. هذا يعني أن هناك عدداً كبيراً من الأسماء النسائية التي يمكن أن تدخل الساحة التشكيلية المحلية دون تحفظ فالفرص المتاحة قد لا تساعد على إضفاء مستوى مطلوب.
في المعرض الأخير الرابع لمست شيئا من التواضع ونوعا من الجدية عند بعض الأسماء الجديدة وقد حصلت بعض المشاركات على جوائز متقدمة بناء على مستوى فني جيد وهذا يعني أهمية أن تدخل الفنانة مع الرجل بكل ثقة في المعارض أو المسابقات الأخرى فحضور التشكيلية السعودية بدا قويا في بعض المناسبات المحلية أو الخارجية . صفية بن زقر -على سبيل المثال- تمتلك مهارات فنية تحافظ معها على مكتسباتها الفنية منذ الستينات، بالمقابل الفنانة التشكيلية منيرة موصلي المتفردة والمتمردة على القوالب الفنية التقليدية تتجه إلى مناطق لم تزل صعبة التلقي .
الفنانة التشكيلية السعودية أخذت فرصتها الدراسية وحققت إنجازات هامة على المستوى الأكاديمي فكان هناك أكثر من حاملة لشهادة الدكتوراة مثل وسمية العشيوي وهناك أخريات يحضرن لهذه الشهادة حاليا كما أن هناك من تتقلد منصب عضوية مجلس إدارة الجمعية السعودية للفنون التشكيلية وهناك أيضا من حققت بأعمالها فوزا في بعض المناسبات التشكيلية المحلية وهناك من أقامت عروضا لأعمالها في الخارج وهناك من أصدرت مؤلفات في الفن التشكيلي.
بالتالي المرأة الفنانة هي أخت الرجل وتسير جنبا إلى جنب في صفه ومثلما يحقق هو نجاحه هي بالمقابل تحقق نجاحها وتفوقها وبالتالي تبقى الساحة قوية بالتماسك والتعاضد والعمل المشترك الذي يهمنا فيه المستوى وليس أن يكون المنتج ذكرا أو أنثى.
*****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMSتبدأ برقم الكاتبة«7177» ثم أرسلها إلى الكود 82244