وإذ يعبر العرَّاف رؤياي قابضاً
يراود طرفي عن مسارات حيرة
تطوف به الأقداح عند احتشامها
وتَعْرى له أشواط ركض إلى الرؤى
فيفضي إلى الأطياف في عنفوانها
يقول لي العرَّاف حرفك عالق
وعيناك في شرع السديم رواية
وهمسك لا يغني من اللحن رقصة
إذا شئت أعتقت الظنون وإنما
قصيدك في بيروت كأسان.. مرة
وروحك في بيروت شطران.. غربة
ويأتيك من بيروت جرحان.. ماثلٌ
فخذ من جلال الموت أمشاج نغمة
وعَتِّقْهما.. قد تدفن الأرض وجهها
لتكتب عن بيروت ما يجعل الصدى
أجيئك يا بيروت.. حزني مطيتي
أجيئك محفوفاً بأشلاء عزتي
أجيئك بالثلم الذي صار خطوة
ولا تنثني للمهد من فرط عشقِها
أجيئك يا بيروت لا أحسب الخطى
أجيئك من مسك الذهول بنفحة
أداعب أهداب السؤال ونبرتي
أقول وهذا النبض يلقي تحيةً
لماذا يطوف العيد حول حقولنا
ويزجي جموح الخيل طهر صهيلها
وتختصم الأسياف حول صليلها
ويندى بنا القرطاس تاريخ قبلةٍ
تأسنت الألغاز فينا.. ولم يعدْ
تأسنت الألغاز.. كلا بل اشترتْ
فعدنا على يأسين.. يأس من الهدى
لك الله يا بيروت.. أنت قصيدتي
فيا أيها العراف لا تعبر الرؤى
على جمرة التأويل.. يستبطن العمرَ
وعن عبرة ماجت بها حيرة أخرى
على أرق الأهداب أيقونة سكرى
تصعدها في الكون قدسية المسرى
وقد أسرجت للروح إشراقة بكرا
بمحبرة خرساء تنهشها الذكرى
وقد يفتري السمار من وحيها عشرا
على برزخ الأضداد تستقطب السحرَ
لك الغسق المختوم من ذاته يعرى
وأخرى بطعم المر لو ذقتَها أحرى
وبوح إلى الأكفان يستغرق الفكرَ
وسار مع الأحلام في فلك الشِّعرى
ومن دهشة الميلاد قيثارة كبرى
بكفيك.. خجلى.. تشعل الفن والشعرَ
حقيبة دمعٍ تمزج الذنب والعذرَ
وقافيتي للريح تستدرج الدهرَ
أكابد ذاتي ثم ألفظها سُكرا
على شفرة الترحال لا تبلغ القبرَ
ضبابية الأشياء والصبوة الحيرى
إذا لم تهبني من أسى نزفها شطرا
توضأ منها الحرف حتى غدا جمرا
كثيب من الأشجان يسترق الصبرَ
لسخرية الأمواج بل يرشف القهرَ
فلا يشرح القنديل تأتأة البشرى
إلينا.. ولا إلهامَ يقتبس السرَ
شموخاً فنلقاها بأشباحنا أسرى
على شفة الأوهام لا تعرف الطهرَ
نثيثُ الذُّرى يفشو بأحلامنا عطرا
بنا حسرة الأفراس من عمرها خمرا
ويأس من الفينيق أن يعبروا بحرا
أتيت بها من نُضْح مأساتنا ذعرا
فقد قالت الأيام تفسيرها جهرا
إشارة: الفتحةُ على حرفِ الرويِّ في القافيةِ تُنطَقُ ألفاً عندَ الإنشادِ لكننا سنلتزمُ الكتابةَ الإملائيةَ الصّحيحةَ في جميعِ الحالات.