في أمسية شاعرنا الكبير الأستاذ سليمان العيسى رغب الجمهور من (أبي معن) قراءة قصيدة وجدانية، فاختار هذا النص القديم المتجدّد ولم تسعفه الظروف بإلقائه، فأناب عنه الثقافية وكتب: «إلى العزيز الدكتور إبراهيم للنشر مع أطيب التحية».
اضطرت للسفر وحدها واضطر للبقاء وحده وأحسّ فراغاً قاتلاً في غيابها.. فكتب لها
أفَتِّشُ عنكِ في الأُفُقِ
أُفتِّشُ في حنايا الغَيْمِ..
في الليلِ
الذي يَنْداحُ في عينيَّ
أمواجاً
من الأرَقِ
أُفَتِّشُ عنكِ في نومي، وفي صحوي،
وفي فجري، وفي غَسَقي
أُثبِّت في الرصيفِ عَصَايَ، إني خائفٌ جازِعْ
أفتش عنكِ.. كيفَ بلا يديكِ سأعبُر الشارِعْ؟
أُفَتِّشُ عنكِ في كل الخُطَا
وأنا أسيرُ إلى جوارِكِ
واثقاً من كل ما يأتي..
ولو لَمْ يبقَ من خَطْوي
سِوَى رَمَقِ..
أُفَتِّشُ عنكِ
حينَ أُديرُ مِفتاحي ببابِ البيتِ،
أُخفي عنه
كلَّ هواجسي، قَلَقي
مُسافِرةٌ؟
متى تأتين؟
ينهمِرُ السؤالُ غَمامةً،
أنْهَدُّ فوقَ عَصايَ
أبحثُ في ضَبَابِ رُؤَايَ
عن خيطٍ
من الشفَقِ
أُسافِرُ في صَدَى الكلماتِ
لا أَعني سوى كلماتِنا للريحِ
تذرونا ونحنُ نسيرُ
في الطُّرُقِ..
نُبعثِرُ هذه الدنيا على أقدامِنا
في ضحكةِ الأطفالِ أحياناً
وفي النَّزَقِ
أُفَتِّشُ عنكِ ضاحكةً وغاضبةً
وأقربُ ما أكونُ إليكِ غاضبةً..
متى تأتين؟
ينهمرُ السؤالُ
غمامةً سوداءَ في حَدَقِ الحنينِ إليكِ،
في حَدَقي..
أُفَتش عنكِ في الأشعارِ
أحكي وحدتي فيها
أَقُصُّ فراغَ أيامي
إلى الوَرَقِ
متى تَأْتي؟
سؤالٌ.. مرةً أُخرى
يعودُ غمامةً تجتاحني
أنهَدُّ فوقَ عصايَ..
أبحثُ في الضباب المُرِّ
عن خيطٍ من الشفَقِ
متَى تأتي؟
ستأتي ذاتَ يومٍ
- إِطْوِ أسئلةَ القصيدةِ -
سوفَ تَطْلُعُ من كتابِ حنينِكَ
المذرورِ أَسئلةً على الوَرَقِ
أُفَتش عنكِ.. لستُ أَمَلُّ.
في نومي..
وفي صَحوي..
وفي فجري..
وفي غَسَقي..
وأعرفُ.. أنتِ قادمةٌ
يقولُ كتابيَ المذرورُ
أسئلةً على الأُفُقِ