Culture Magazine Monday  04/02/2008 G Issue 232
سرد
الأثنين 27 ,محرم 1429   العدد  232
 

قيثارة الحلم غنت لنا!!!
الإهداء (إلى قلبي الظمآن أنا.. وعقد اللؤلؤ سراب)
عبدالعزيز حمد الجطيلي

 

 

عزيز... في غرفته.. عالمه الخاص!!

يفتح النافذة الكبيرة.. يطل بوجهه العاري ينظر إلى شوارع المدينة الباردة... ويتأمل لوحة الليل الجديد.. وقد تساقط الظل... والقمر كحمامة بيضاء تحلق بالسماء بصمت.. ومن ابتسامة عمر منتصف الشهر ترضع عتمة الليل النور فتنطفئ مخاوفها ويتمزق رداؤها... ويتبدل موتها بميلاد طفل جديد... اسمه نهار منتصف الليل!!

عاد عزيز... وأقفل النافذة برفق... وقال: (ما أروع الليالي المقمرة عندما تتدثر أحلامنا وآمالنا والجراح بالنور والسكينة)!!!

نظر إلى الساعة الصغيرة على المنضدة... وكأنه يسألها... أو ربما يتوسل إليها... بأن تكون عقارب الساعة قد لدغت أفعى الانتظار... لتشير إلى موعد لقائه مع الحمامة الإنسان!!!

أوه... الساعة الثانية عشر... الحمد لله!!!

ما أسعدني وأنا ذاهب إلى واحة الغضا... هناك أعز النساء (نورة) تنتظرني...!!!

ارتدى عزيز الثوب الجديد... والشماغ الجديد... ووقف أمام المرآة يعدل هندامه... وتعطر من قارورة العطر الذي يستخدمه منذ زمن بعيد ... وينظر إلى المرآة ويبتسم وكأنه يختبر قدرته على الابتسام!!!

أخذ معه القصيدة الجديدة التي كتبها في حبيبته (نورة قلبي معك)

ورسالة نورة الأخيرة إليه... التي كانت تحت وسادة نومه وراح يعيد قراءة الرسالة... حتى ترمد جمر العتاب فيها بالدموع...!!!

حمل معه هدية... لفها بنفسه بإبداع بورق لونه سماوي... ورسم عليه صورة القمر... وقلم كالغصن وفي فيه وردة حمراء...!!!

عزيز... سعيد بهديته... إسورة ذهب أبيض كتب عليها (17 جمادى الأول تاريخ ميلادنا أنا وأنتِ عزيز ونورة)

لملم عزيز... أشياءه:

القصيدة الجديدة..رسالة حبيبته الأخيرة...وأسوار الذهب... والمعطف الشتوي!!!

إنها ثقافة الحب الجميل... والألم الجميل!!!

إنها حضارة الألفة... تتنفس من رئة الحنين تتألم وتئن لكنها لا تموت!!!

ركب عزيز الجواد الحديدي .... وانطلق عبر شرايين المدينة الباردة .... وهو يمارس الثرثرة بصمت!!!

ترى هل ستعجب (نورة) بقصيدتي؟

ربما تجاملني حبيبتي... وتقول... رائعٌ ما كتبت... أو تقول .... يا عازف صمتي رائع ما عزفت... نزيف جراحنا أنا وأنت!!! .... ربما تقول... وربما تقول... وربما تقرأ القصيدة... ببلاغة الصمت وفصاحة الألم

ربما... تقرأ حبيبتي قصيدتي وتقول بكل ربما...!!!

يقف عزيز... عند إشارة المرور الحمراء... وينظر إلى المقعد الخالي بجواره إلا من هديته لأعز النساء تنهد وقال هل ستعجب نورة بالهدية؟

الإشارة الخضراء... تضاء وواصل عزيز سيره على الطريق... إلى واحة الغضا... إلى قمر ينتظره تحت نور القمر... هناك نورة حبيبته ودنياه والعمر.!!!

وصل عزيز بسيارته إلى المكان الرائع

بحيرة الرمل... تعانق بريق القمر وحبيبات الرمل تلونت بالنور... وأشجار الغضا ترتعش بحياء لأنفاس الشمال الباردة..... والصمت الكبير وكأن المكان كوكب آخر كوكب (عزيز ونورة)

نورة افترشت سجادة خضراء بلون ربيع الزمان لا المكان.. وقد أشعلت نارًا صغيرةً كي تحمي حبيبها من الريح الباردة... وأعدت شاي منتصف الليل وكان جهاز التسجيل الصغير يغني لمطربتها المفضلة وردة الجزائرية .... أغنية (جيت في وقتك)

كانت (نورة) بفستانها الأسود الفضفاض.. وبعطرها المعتاد... وبنقاب عفافها... جالسة وبيدها غصن صغير من شجر الغضا... تكتب به على صفحة الرمل وتمحو... ترسم به على صفحة الرمل وتمحو...!!! عندما رأت عزيز... وقفت احترامًا له... واقترب عزيز وجلس كلاهما على طرف السجادة الخضراء

- نورة... يا أعز النساء أنتِ صباح الخير

- أهلا... صباح النور (عزيز) يا أعز الناس أنت لكن... حبيبي هذا ليل... حتى بارتداء الليل القمر لا يفقد هويته... الليل هو الليل!!!

- حسنًا... لكن الليل فيه بردٌ قارسٌ يضطهد عافية الإنسان المشرّد فيه... وأنا وأنتِ هنا في مهد الصباح الرائع... الدفء بيننا... النار الصغيرة بيننا...!!!

وأنا وأنتِ... نتقاسم رغيف البوح حتى مدامعنا مطر منا ولنا!!!

- نورة... يا قلب قلبي أنت... المناخ الذي نعيشه هذه الليلة لم ندرسه في مادة الجغرافيا المقررة علينا في المدرسة... إلا أنها جغرافية الأيام كلما سامر قلب قلب هذا هو الصباح السعيد... حتى الصحراء التي تجمعنا هذه الليلة هي نهر... وأعذب أنهار العالم!!!

- تبسمت نورة... وقالت: أيها الفيلسوف أنت... يا قلب قلبي أنت... الحقيقة التي نعشقها قد لا تبقى لنا... العشق أو الحب لا يكفي لنمتلك الحلم ونمتلك القدرة على أن نبقيه لنا وبيننا..!!!

(عزيز) يشعر بأن الجو أصبح أكثر برودة... فقام وخلع معطفه ووضعه على نورة كي لا تبرد!!!

- قالت: يا عمري أنت... دائمًا تضحي حتى بأدق التفاصيل ما أسعدني بك... وما أشد خوفي عليك..!!!

بعد ذلك قامت نورة وأحضرت كأس الشاي... وقالت: تفضل (عزيز)... الشاي بالزنجبيل الليل بارد حبيبي!

- تنهد (عزيز)... رفع بصره إلى وجه القمر... وهو يحتسي الشاي وقال : نورة... كيف الليل بارد والقمر مضيء... كيف الليل بارد وأنت معي..!!؟

- (عزيز)... سيدي ويا سيد قلبي أنت... نور القمر لا يهبنا كل شيء... بل إنه قد يقسو علينا كثيرًا... وكأنه العتمة!!!

- نورة... حبيبتي لا أعتقد أن القمر (البدر) يقسو علينا وقد ألفناه وألفنا.. وسامرنه وسامرنا!!؟

- (عزيز)... يا قرة عيني أنت... للأسف للقمر قسوة... القمر حين يتساقط نوره على تضاريس جراحنا.. سنقرأ في كتاب العمر صفحات نخافها... فيها نقوش تعاستنا... وأحزاننا وبحر بسيوف أمواجه يقتلنا... وفي أعماق أعماقه يلقينا...!!!

وبعد ذلك صمتت نورة.. وأصغى عزيز لصمتها بصمت!!!

- نورة... نورة!

- (سم) يا (غالي).

- ماذا كنت تكتبين... أو ترسمي بالغصن الصغير على صفحة الرمل وتمحين!؟

- قالت : سيدي كنت أتخيل وأحلم... وعندما نرسم ما تمليه أحلامنا... تكون اللوحة نحن كما نريد نحن!!!

- قال عزيز: الله (تكون اللوحة نحن كما نريد نحن) يا لهذا التعبير الرائع... أكملي.. ماذا كنت ترسمين!؟

- حسنًا حبيبي... سأخبرك لأن الحلم سيخلد روايتنا وإن بقينا... خارج حدوده. من أجلك أنت . وأجلي أنا... ومن أجل الحب الكبير الذي يسكننا أصغت الحقيقة لحكمة خيالنا!!!

- عزيز... يا قلب قلبي أنت... لقد تلونت اللوحة من حبر قلبي وقلبك!!!

- نورة... أيتها الفنانة المبدعة أنت... قولي فقد اشتقت لكل تفاصيل اللوحة!!!

- عزيز... كنت أرسم الكوخ الصغير الذي تنتهي على عتبة بابه كل أزمنة التشرد والفراق والحنين... والخوف!!!

رسمت الكوخ الصغير... بيتنا الصغير... فيه جلست نهارنا تطل من جدار زجاجي كبير على حديقة صغيرة...

المقاعد زرقاء ...الستائر زرقاء...

وأرض الكوخ مفروشة بسجاد فاخر باللون الصخري... وفي ركن من أركان البيت مطبخ صغير مكشوف... وطاولة طعام أضع لك عليها كل صباح وردة!

- نورة .... عذراً للمقاطعة فيه مداخلة.. لم اختارت حبيبتي هذا اللون..؟ ولم المطبخ المكشوف..!؟

- تبسمت نورة.... وقالت : كنت أتوقع مداخلتك... حبيبي اللون الأزرق لمقاعدنا وستائرنا... لأنه كان لون البحر الذي كنا نخاف أن نغرق فيه ويضيع مركبنا واللون الصخري... لأنه لون الصخور التي أدمت خطوتنا ونحن نتشرد معا...!!!

أما المطبخ المكشوف لأني أريد أن أراك كل لحظة... لا أرى فقدك وبعدك وحرماننا من بعض.

- نورة... أروع من الكوخ... سيدة الكوخ... كيف تولد الأحلام الدافئة في صقيع صحراء... إنه الحب!

أكملي حبيبتي..!!

- عزيز... أنا أغار عليك حتى من نفسك وعلى الرغم من ذلك سأعلق صورة (نجاة الصغيرة) التي تحبها وتطرب لها أريد أن تجد السعادة بكل زوايا بيتنا!!!

سنفطر معًا كل يوم قبيل الإشراق لنكون جزءاً من عالم نقي... عالم العصافير والحمام

أنا... يا حبيبي أعلم أن رغيف الحرمان قد أشبعنا جوعاً وألمًا... لذا يجب أن يكون بيتنا بلا حرمان ..!!

عزيز... حبيبي لقد اخترت كؤوس القهوة التي نشرب بها الكأس الصيني مرسوم عليه مركباً خالياً. من المسافر والرفيق... ومن المخاوف والضياع.. ربطت به سلاسل الوصول... ليرسو وكأنما الشاطئ يحضن المركب العائد إليه من بعيد

هذا ما كنت أرسمه حبيبي نهاية العذاب والألم!!!

- نورة... رغم أن الخيال نعايش فيه أحلامنا لكننا لا نعيشه حين نكون داخل حدود واقع مختلف....!!!

عندما يبدع الخيال في بناء الحلم الخاص... بيت يجمعنا... بيت صغير تسكنه عظيم أمنياتنا...!!!

أبدعت سيدتي في الرسم... حتى وإن تساقط من الغصن أوراق الحلم ولونه... حين تمسحين وكأن الرمل مقبرة حروفنا ونقوشنا...!!!

- ضحكت نورة... وقالت: أنا فنانة شهيرة ومميزة وجمهوري... أنت والقمر..!!

- أنا.. أنا أكفي كل لوحة رسمتها حبيبتي ... كل حرف كتبته يزين أعماقي.. ويبدد وحشتها!!!

بعد ذلك... أعطى (عزيز) القصيدة التي كتبها إلى نورة... وقال تفضلي قصيدة (نورة قلبي معك)

قالت: (يا عمري أنت).. إني أعشق حرفك كثيرًا وبدأت تقرأ فيها... وقالت له: أعلم أن قلبك معي لأني أشعر بنبضك... وخفقات قلبك... وأرى ذاتي تسكن في أعماقك... إلا أنك أنت تسكن قلبي ليل نهار... في ألمي وفرحي أنت معي... إنه احتلال ذاتك لذاتي لكنه أعدل احتلال..!!!

سيدي... رغم أننا معًا... قلوبنا توائم... عقولنا توائم... أحلامنا توائم... مخاوفنا توائم إلا أنني بت أخاف الأيام... فتتبدل ليالي الحلم المقمرة بكل حنانها... بليالي يأس مظلمة فيها نمتطي جواد حنين تضيع منه الدروب في عتمة الليل وقسوته ..... إلهي رحمتك احفظنا من كل سوء!!!

- قال عزيز : آمين يارب ..!!!

حبيبتي لا تجعلي الأيام تنال منا قبل أن تصل إلينا قسوتها

- قال عزيز: وكأنه يريد أن يتجاوز بحبيبته خندق مخاوف الأيام... نورة ما هي آخر قراءتك!؟

- حبيبي كنت أقرأ بالأمس... في ديوان الشاعر الكبير عمر أبو ريشة.. الذي أهداه لي أبي عندما عاد من الشام فقد أهدى أختي ثوباً وعطرًا... وأهداني الديوان شعرًا وروايةً (ماجدولين) نثرًا... فتعطرت مكتبتي.. وزادت أناقة ذاكرتي..!!

- نورة... اسمعيني من شعر عمر أبو ريشة (يرحمه الله) إن كنت تحفظين شيئًا منه..!!!

- قالت نورة: بالأمس توقفت كثيرًا عند أحد القصائد هي في الحقيقة مشهد يشبه المسرحية ويأخذ من الرواية العمر النهاية حزينة... لقد أعدت قراءتها كثيرًا حتى حفظتها!!!

- نورة... لقد شوقتني كثيرًا.. أريد أن أسمع من وتر فاهك العذب عذوبة الشعر والمشاعر!!!

- ابشر حبيبي عزيز... أنا سأقرأ القصيدة ولكن بشرط أن لا نناقشها. لأننا نريد أن نكون خارج هذا النص.

وبدأت نورة تقرأ بصوتها الرائع القصيدة:

قفي ، لا تخجلي مني فما أشقاك أشقاني

كلانا مرَّ بالنعمى مرور المُتعَبِ الواني

وغادرها.. كومض الشوق في أحداق سكرانِ

قفي ، لن تسمعي مني عتاب المُدْنَفِ العاني

فبعد اليوم ، لن أسأل عن كأسي وندماني

خذي ما سطرتْ كفاكِ من وجدٍ وأشجانِ

صحائفُ... طالما هزتْ بوحيٍ منك ألحاني

خلعتُ بها على قدميك حُلم العالم الفاني!

لنطو الأمسَ، ولنسدلْ عليه ذيل نسيانِ

فإن أبصرتني ابتسمي وحييني بتحنانِ

وسيري، سير حالمةٍ وقولي.... كان يهواني

وانتهت نورة من القصيدة وهي تبكي... ثم نظرت إلى (عزيز) ونور القمر ساطع في نهر الدمع في عينيه... مسحت دمعها واقتربت منه ومسحت دمعة بيدها... ووضعت يدها برفق على رأسه... وقالت له: ليتني لم أقرأ القصيدة لأن الخوف أقسى ألم..!!

(عزيز) يردد آخر القصيدة:

فإن أبصرتني ابتسمي وحييني بتحنانِ

وسيري، سير حالمةٍ وقولي كان يهواني

نورة... أخاف أن أقول لك... إنها وصيتي فتتألمي

- اقتربت منه نورة... وقالت: لا حبيبي سنبقى معاً... ولن يكون حبنا عربة جوادها فعل ناقص... اسمه كان!!!

صمتت نورة وعزيز صامت وحفيف الريح الباردة يعزف ضجيج صمتهم!!!

قامت نورة، ووضعت بعض الحطب على النار ليزداد الدفء الصغير أمام قسوة شتاء الصحراء..!!

- عزيز.. حبيبي لقد أحضرت معي (طعام العشاء) الذي تحب (الرز بالربيان) وقد أعددته بنفسي... إن شاء الله يعجبك..!!

- نورة.. خلينا أول نأكل وبعدين أقولك رأيي!!!

- طيب يالله إن شاء الله يعجبك بس ما تأكل أصابعك مع الربيان... أصابعك مثل كلك غالي علي!!!

أحضرت نورة صحن الطعام المغلف بقصدير ووضعته بينها وبين عزيز... وتناولا معاً طعام العشاء

إيش رأيك والله (بزواج أبوك على أمك) ما ذقت مثله

- ما شاء الله.. بس أنت متأكدة من المقادير!!؟

وسادت روح الألفة بينهم حتى على مائدة الأفكار البسيطة..

ذهب عزيز إلى سيارته.. وأحضر الهدية... واقترب من نورة وقال لها: تفضلي هذه هدية مني إليك... وقبولك لها هي هديتك لي..

أخذت نورة الهدية دون أن يرى ابتسامتها إلا بعضها الذي امتد بريقه إلى سماء عينيها.

- عزيز... يا قلب قلبي أنت... يا فرحتي أنت..

أنت يا عزيز .... هدية العمر..!!

أهديتني (يا عمري) الكثير... منك النبض والنزف والعزف أهديتني الألفة الطفل المدلل الذي نلاعبه في مهد قلوبنا حتى قيثارة صمتك قالت لي الكثير والكثير!!!

- نورة... الآخرون يتهادون في المناسبات إلا نحن هدايانا ليس لها وقت. لأن حبنا هو مناسبة العمر كله.

- الله أكبر عليك يا عزيز (حبنا هو مناسبة العمر كله!!)

ما أروع معاني حين تقال تغنى!!!

تتأمل نورة الهدية... تغليف رائع الورد المجفف... وأصداف البحر غارقة في هامتها... والعشبة الخضراء...

والرسومات الرائعة على جسد الغلاف زرقة السماء واستدارة القمر... والقلم الذي يبوح بورد متفتح!!

- سيدي... وسيد قلبي هكذا أنت تتفنن في إسعادي دائمًا مع كل هدية تهبني الدهشة والسؤال الأسهل من الإجابة... أنك تحبني... وأنا أحبك... ولكن ..!!

- نورة... لكن ماذا!!؟

- لا شيء يا نور عيني أنت... أريد أن أخمن الهدية قبل أن أفتحها... هل هي ساعة!؟

- لا... لا حبيبتي... أنا... لا أهديك ساعة لأن الوقت الذي يجمعنا. يجب أن نتخلص فيه من ساعاتنا!

- طيب... ما فيه خيارات تقولها ضاحكة خلف نقابها... عرفتها.... هي قارورة عطر صح؟

- قال عزيز وهو مبتهجًا: الإجابة... الإجابة... الإجابة خاطئة ولن تربحي (المليون) تبقى لك وسيلة مساعدة واحدة... انظري إلى القمر... ومطر النور منه الذي يملأ هذا الكون ويملأ كوكبنا نهارًا هذه الليلة... كوكب (عزيز ونورة) إنه كوكب (العصافير)... انظري إلى أشجار الغضا وقد تشبهت بحسناوات الزهور رغم الليل والشتاء!!!

بدأت نورة تفتح الهدية... ويداها ترتعشان... وأهداب عينيها ترتعش... والدمع يكاد أن يفر من أسر عيون حبيبها... وهو (يسمي بالله عليها)..!

- نورة تصرخ : الله... إسورة من الذهب الأبيض مكتوب عليها (17 جماد الأول تاريخ ميلادنا أنا و أنتِ عزيز ونورة)

ثم بكت و أبكت حبيبها معها... وقالت:- سيدي.. هذه ليست هدية... هذه عمر وحياة... هذا تاريخ إنسان إنك مبدع... تفكر بقلبك دائماً. لقد أهديتني قمرًا في معصمي لن يغيب. حقاً هلال أشهرنا بدر..!!

ومضت ساعات الليل.. ومركب اللقاء بشراع البوح يبحر نحو ميناء الفجر... ليغرب الصباح الخاص... والزمن الخاص... والفرح الكبير... وبدأ صياح الديوك من المزارع البعيدة يزين صمت الليل وشاعريته

- قال عزيز: حبيبتي علينا أن نغادر المكان... بعد أن أسكناه ذكريات رائعة...وهمسنا في مسمع الغضا بسر ألفتنا والحب الكبير الذي يسكننا... ولقد سامرنا القمر حتى أسكن نورة في أنهر الدمع التي فاضت بها أعين.

- وقامت نورة تلملم السجادة الخضراء... وأشياؤها الأخرى والتفتت تنظر إلى حبيبها بحنان وقالت:-

حقاً حبيبي... إن ذاكرة المكان تشبه ذاكرة الإنسان

ألا إن صفحات كتابنا (ليلة بين القمر و الغضا) لن يخلدها المكان... ولا العابرون هنا... لأنها في أعماقنا نحن وفي أسورة الذهب حيث الحرف كنز!!!

قام عزيز.. وركب السيارة وسار ببطء ونورة تمشي على قدميها حتى نزلت من النفود كالغزال وعبرت إلى داخل مزرعتهم المجاورة... وأشارت إلى عزيز مودعة ورد عليها التحية بعد أن اطمئن عليها... ومضى بالسيارة إلى البيت وقد أذن لصلاة الفجر... أداها مع الجماعة وعاد إلى غرفته... وتوسد الأحلام المقمرة... وتفاصيل الكوخ وصدى صوت حبيبته.. ونور القمر.. ونام.

فاصلة... عزيزي القارئ .الجزء الثاني ربما يتبع!!

- عنيزة ayamcan@hotmail.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة