Culture Magazine Monday  04/02/2008 G Issue 232
فضاءات
الأثنين 27 ,محرم 1429   العدد  232
 

كلمات
فرح على أغصان القلب!
محمد بن أحمد الشدي

 

 

الشمس ذلك الصباح نافورة من اللهب، وأنا الفريسة المدماة التي تتقافز مذعورة بين الأسفلت والذهول. ولابد لي أن أضع حدا لمطر الأسئلة والضجيج واغادر قبل سقوط الليل.

واتذكر انسياب الفرح الجميل وهو يتعرج في أغصان قلبي كنهر عذب في ظمأ الصحراء، يوم عدت إلى أهلي وأحبائي في الرياض بعد عام غيبة من الشوق والتذكار. تركت ورائي المدن السحرية الغامضة وتغريد للبلابل الجميلات على أرصفة اللقاء، والانتظار وقلت بلادي أجمل!!

وفي ذلك الصباح الصيفي الحارق أحمل أوراقي واركض من دور إلى دور ومن وجه إلى وجه أريد تذكرة الإياب إلى مقعد الدراسة في تلك البلاد البعيدة، وفي لحظة ما اكتشف أنني غريب في موقع طفولتي وأنني ضحية نظارتي الكبيرة وشاربي الكث، وهذه هي القضية ولاشيء أكثر!

وسألني الموظف بقرف عن نظارتي وشاربي فقط ولم يسألني عن غربتي ودراستي، ولا عن لهفتي للمشاركة غدا في ابتلال الرمل وخضرة الأفق والتحول العظيم كان قلقاً يبحث عن جواب قاطع يفسر له لغز الحياة من خلال نظارة وسحنة. أما أنا فقد ألغيت فكرة السفر بالطائرة مع أن التذكرة من حقي كطالب مبتعث، وسافرت على سطح باخرة وابتهج البحر بمن فيه من مخلوقات جميلة كانت رحلة ماتعة بأهلها وشبابها الغض.

ها هو صباح آخر أكثر تفتحاً وجمالاً ووطني يموج بالخصب والمدن المشرقة. والعصافير الصغيرة تدق على زجاج النوافذ العالية في قصور البديعة بمناقيرها الحمراء.. أتذكر من يقول لي: أنت جميل ووسيم وما تذكر الموظف المشغول بنظارتي وشاربي ولا أكاد أمسك بشيء.. فكل شيء تبخر وطار.. لقد ذهب ذلك الزمان الذي يجعل لصاحب العيون الزائغة والخارجة من محاجرها هيبة أو من افتعل شكلاً لشخصيته ان يخدع من حوله بأنه رجل وقور، بل إن من حوله ممن يعرفه وهو يعلك حبات الهيل في فمه لإخفاء طبيعة رضابه يعرفونه بأنه عقور لا وقور!! طابت لياليكم المقمرة يا شيوخ الهضاب والخلجان!.

****

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتبة«5064» ثم أرسلها إلى الكود 82244

- الرياض


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة