لا أدري كيف أبدأ، فالفاجعة موجعة حد الألم، والمصاب جلل، والحزن عظيم، وخسارة الفقد كبيرة، ومرارة الألم أقسى من كل مرارة. أشعر أن الكلمات تتجمد في داخلي، وأن التعبير يخونني، ولا أعرف كيف أواسيكم وأعزيكم في رحيل زوجتكم المصون الأميرة نجلاء بنت سعد بن محمد آل سعود التي فارقت دنيانا الفانية يوم الجمعة السادس من شهر ديسمبر لعام 2024، بعد أن كانت خير سند لكم. وعزاؤنا أنها لقيت ربها في أفضل أيام لله، فأسأل الله أن يكون هذا بشارة بحسن الخاتمة، ولاسيما أنها والدة الشهيد -بإذن الله- الأمير الخلوق، ابنكم البار، المقدم طيار طلال بن عبد العزيز بن بندر الذي فجعنا جميعاً بنبأ استشهاده في اليوم السابع من ديسمبر عام 2023، مما جعلنا نتلقى الخبر بصدمة قوية، شلت جميع حواسنا فترة طويلة بين مصدقين وبين مكذبين لخبر الوفاة، فالحمد لله على قضائه وقدره، و(إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ).
صحيح، سيظل تاريخ استشهاد طلال بن عبد العزيز بن بندر يوماً حزيناً في قلب والده الأمير التقى عبد العزيز بن بندر بن عبد العزيز وابنائه وبناته وأحفاده، ولا تكفيه كلمات الإطراء، ولا سطور تمجد أعمال الشهيد طلال، لأنها أكبر من أن تفيها الكلمات، وتعجز كل اللغات عن التعبير عنه، ووصف مدى فداحة الفقد، لكن عزاءنا أن العظيم إذا مات، مات جسده، وبقيت روحه بين كافة أسرته وزملائه ومحبيه، وظلت أعماله تذكر به، وتتحدث عنه في كل المواقف والمناسبات.
أعرف ما حلّ بكم من قضاء الله وقدره، بفقد ابنكم طلال، الذي كان باراً بكم وبوالدته التي لحقت به بعد عام واحد فقط بالتمام والكمال. وأعرف جيداً ألم الفقد، وأعرف أن الموت أعظم مصيبة تصيب الإنسان، ما بعده من مصيبة، ولهذا لا أعرف كيف أواسيكم، بغير ما قاله الله -عزّ وجلّ- في سورة البقرة: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ).
ثم بما قاله رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم-: (ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله به: (إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ)، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها، إلا جزاه الله في مصيبته، وأخلف الله له خيراً منها).
أعرف مصيبتكم.. لكنني أعرف أيضاً قوة إيمانكم ويقينكم، وتسليمكم لمشيئة ربكم. فاصبر وابشر بالأجر والثواب إن شاء الله، فكلما عظم البلاء، عظم الأجر، والصبر على البلاء، أعظم أجراً من الشكر على النعمة.
فـ (إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ)، اللهم أجر الأمير عبدالعزيز بن بندر بن عبدالعزيز وكافة أسرته الكريمة.. في مصيبتهم واخلف لهم خيراً منها.
أسأل الله العزيز الكريم باسمه الأعظم أن يجعلكم من الصابرين المهتدين، الفائزين الذين أغدق الله عليهم من فيض رحمته، كما أسأله سبحانه وتعالى الرحمة والمغفرة لمن فقدتموهم، وأن يجعل قبورهم روضة من رياض الجنة، وأن يجمعكم بهم في الفردوس الأعلى، وأن يمن الله علينا وعليهم برؤية ذاته العلية ورفقة نبيه المصطفى عليه السلام في الجنة.
فلكم من قلب صادق محب، أصدق آيات التعازي والدعوات، مبتهلاً إلى الله الكريم أن يستجيب دعاءنا لسموكم الكريم ولكافة أبنائكم وبناتكم وأحفادكم ولمن فقدتموهم.
** **
- عبد الله بن صالح آل سالم