هذه القصيدة تزامنًا مع مهرجان العسل المقام في محافظة العرضيات بمنطقة مكة المكرمة..
أَوْحَى إلَى النَّحْلِ رَبِّي قالَ فاتَّخِذِي
مِنَ الجِبَالِ بُيُوتًا جَارُها القَمَرُ
أوْ فاقْصِدِي شَجَرًا قَد بانَ فاتَّخِذِي
مِنهُ المسَاكنَ.. لا ضَرٌّ ولا ضَرَرُ
أو فاهْبِطِي الأرضَ يا حَسْناءُ فاتَّخِذِي
فيهَا المَنازلَ مِمَّا يَعْرِشُ البَشَرُ
ثُمَّ اسْلُكي سُبُلًا للرِّزْقِ ذَلَّلَها
ربُّ الأنّامِ.. فثَمَّ الزَّهْرُ والثَّمَرُ
كُلِي هَنِيْئًا.. وهَاتِ الشَّهْدَ مُخْتَلِفًا
ألْوَانُهُ سُرَّ منها البَالُ والنَّظَرُ
يا أيُّها النَّحْلُ يا أُعْجُوْبةً خَلَدَتْ
وآيةً سَاقَها الرَّحْمنُ.. ما الخَبَرُ؟
كيفَ اهْتَدَيتَ إلى يَنْعٍ وسُنْبُلَةٍ؟
وكيفَ أخْرَجْتَ شَهْدًا ما بهِ غَرَرُ؟
وكيفَ لَم تُنْسِكَ الأَيَّامُ صَنْعَتَهُ
ومَا لَدَيْكَ مَحَالِيلٌ ومُخْتَبَرُ؟
مِن أينَ جِئْتَ بأشْكَالٍ وهَنْدَسَةٍ
عن مِثْلِها تَحْسَرُ الأفْهَامُ والفِكَرُ؟
مَنْ ذا الَّذي أَزَّ فِيكَ العَزمَ مُرْتَحِلًا
على الرُّبا والذُّرا.. ما ضَرَّكَ السَّفَرُ؟
مَنْ ذا الَّذي وَزَّعَ الأدْوَارَ في نُظُمٍ
إتْقَانُها فِيهِ آيَاتٌ ومُعْتَبَرُ؟
هَل أنتَ في الكَونِ إلا آيةٌ ولَها
بينَ الوَرَى غايةٌ يُقْضَى بهَا الوَطَرُ؟
هَل أنتَ إلا عَطاءٌ سَاقَهُ قَدَرٌ
إلى الأنَامِ كَغَيثِ الوَسْمِ يَنْهَمِرُ؟
هَل أنتَ إلا شِفَاءٌ لِلْأُلَى تَعِبُوا
فَأَيْقَنُوا أنَّ نَفْعًا فِيكَ يُنتَظَرُ؟
مِن ها هُنا مِن رُبَا عُرْضِيَّتِي* انْدَفَقَتْ
جَداوِلُ الشَّهْدِ.. في الأَرْواحِ تَنْحَدِرُ
لأنَّها دِيْمَةٌ فاضَتْ مَكارِمُهَا
لمَنْ أقَامُوا بهَا دَهْرًا.. ومَن عَبَرُوا
في كُلِّ وادٍ بها للنَّحْلِ مَمْلَكةٌ
عَطاؤُهُا نالَ منهُ البَدْوُ والحَضَرُ
في لَيلَةِ الشَّهدِ جاءَ (النَّثْرُ) مُحْتَفِيًا
بالنَّحلِ -طَوْعًا- فقامَ (الشِّعْرُ) يَنْتَصِرُ
هذِي القِلالُ على أبصَارِنا بَرَقَتْ
كأنَّها أنْجُمٌ أوْفَى بِها السَّحَرُ
طُوبَى لكُم أيُّها السَّاعُونَ ما حَصَدَتْ
أَكُفُّكُمْ مِن غِلالِ الشَّهْدِ فادَّكِرُوا
وجَوِّدُوا كَي تَنالُوا الرِّزْقَ أطْيَبَهُ
وجَانِبُوا -في تُقًى- ما ليسَ يُغْتَفَرُ
فالمَرْءُ ما المَرْءُ إلا بَصْمةٌ رَسَخَتْ
في الخالِدِينَ.. وذِكْرٌ في الوَرَى عَطِرُ
*عُرْضِيَّتِي: محافظة العُرْضِيَّات التي يُقام فيها هذه الأيام المهرجان السنوي التاسع للعسل.