تعاني الكرة الأرضية من شح في الموارد الطبيعية التي يحتاجها الإنسان، وتشهد صراعاً بين الدول للحصول عليها وتوفيرها ومن أهم هذه الموارد "المياه" حيث تعتبر عنصر الحياة الأساسي، لقوله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ}، وبناءً عليه حددت الأمم المتحدة يوم 22 مارس من كل عام للاحتفال "باليوم العالمي للمياه للتوعية بأهمية المياه والمحافظة عليها، ودق ناقوس خطر شح المياه في العالم.
وفي هذا المقال أسهم في الدعوة إلى أهمية ترشيد استخدام المياه وزيادة الوعي بأهمية إدارة هذا المورد الحيوي بشكل مستدام، والتعاون مع الجهات ذات العلاقة في الحفاظ عليها، فمِن خلال خبرتي العملية لأكثر من عقدين من الزمن في قطاع المياه بالمملكة العربية السعودية سواء الحكومي أو الخاص، تم إطلاق عشرات المبادرات للحث على ترشيد استخدام المياه من بينها ما قامت به وزارة المياه سابقاً بتوزيع قطع "مجانية" يتم تركيبها في المنازل لترشيد وتقليل استهلاك المياه، كما تم إطلاق عشرات الحملات التوعوية في مختلف وسائل الإعلام والطرق لبيان أهمية مشاركة الفرد في الحفاظ على الثروة المائية، كما حظي قطاع المياه وإمدادها في مختلف أنحاء المملكة، على تطوير وتحديث مستمر من خلال تغيير شبكات المياه القديمة واستبدالها بأجود أنواع الأنابيب لخفض نسبة الفاقد في الشبكات.
ولأهمية واستشعار الحاجة وتضافر الجهود العالمية للمياه فقد أعلن صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء حفظه الله، يوم الاثنين 19 صفر 1445هـ الموافق 4 سبتمبر 2023م، عن تأسيس المملكة العربية السعودية لمنظمةٍ عالميةٍ للمياه مقرها الرياض، تهدف إلى تطوير وتكامل جهود الدول العالمية والمنظمات لمواجهة تحديات المياه بشكلٍ شامل، من خلال تبادل الخبرات بين دول العالم وتعزيز التجارب التقنية والابتكار والبحوث والتطوير، وتمكين إنشاء المشاريع النوعية ذات الأولوية وتيسير تمويلها، سعياً لضمان استدامة موارد المياه، وتأكيداً لدور المملكة العربية السعودية في التصدي لتحديات المياه حول العالم والتزامها بقضايا الاستدامة المائية فقد أعلن ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان حفظه الله عن إطلاق مبادرة الملك سلمان المائية في إفريقيا بقيمة تتجاوز المليار دولار لدعم قطاع المياه وتنفيذ المشاريع المائية في إفريقيا حيث تشهد منطقة القرن الإفريقي جفافاً هو الأشد من نوعه منذ عام 1981.
وانطلاقاً مما قدمته المملكة العربية السعودية على مدار عقود من تجربةٍ عالميةٍ رائدة في تحلية مياه البحر وابتكار الحلول التقنية لذلك، حيث تعتبر أكبر دولة في العالم إنتاجاً للمياه المحلاة بنسبة 22 % من الإنتاج العالمي من خلال المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة (SWCC) التي تولت إنشاء المحطات وإيصال المياه المحلاة لمختلف مناطق المملكة العربية السعودية وذلك حرصاً منها على توفير المياه الصالحة للمواطن والمقيم على أرضها دون انقطاع، وهذا يستوجب منا جميعاً تضافر الجهود للحفاظ عليها وترشيدها بعيداً عن الهدر.