إن القلم ليقف حائراً عن الكتابة، ويعجز اللسان عن الوصف، وتتوه الكلمات عن التعبير للفقيد رجل الدولة، والد الجميع، معالي الأستاذ سعد بن ناصر السديري -رحمه الله-.
معالي سعد الناصر السديري، هذا الرجل العظيم، يُعد تاريخاً شامخاً، ومدرسة فريدة لما قام به من أعمال مخلصة خدمة للدين والدولة.
تقلد الفقيد مناصب عدة في الدولة، كان أولها أميراً للغاط، ثم وكيلاً لإمارة منطقة المدينة المنورة، ثم أميراً لمنطقة المدينة المنورة، ثم أميناً عاماً لمجلس الأمن الوطني، وكلف خلالها بأن يكون وكيلاً لوزارة الداخلية، ثم مستشاراً خاصاً لسمو وزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز -رحمه الله-.
وكان مخلصاً وأميناً، حظي بالثقة الملكية في تقلده لهذه المناصب الحساسة في الدولة، فكان أهلاً للثقة؛ كيف لا وأعماله ونجاحاته وإخلاصه وسيرته المعطرة بالذهب تدل على تلك القيادة الحكيمة، والإدارة المثالية.
لقد كان الفقيد مدرسة بمعنى الكلمة، يتعلم منه الجميع، ويستقون من عطائه، وأنا واحد من الذين عملوا تحت قيادته وتوجيهاته، فكان رمزاً للقيادة والتوجيه والحكمة.
يكفي تعامله معنا وتواضعه وعطفه على الجميع، وأعماله الخيرية الجليلة خير برهان، ومجلسه العامر، المفتوح دائماً للقاصي والداني، الصغير والكبير، فيا لها من عظمة وشموخ وصفاء قلب.
ويكفي من حضر في واجب العزاء من القيادة الرشيدة، وكذلك أصحاب السمو الملكي الأمراء، وأصحاب المعالي من الوزراء، والعلماء، والمشايخ، وشيوخ القبائل من كل مكان، أتوا لتأدية واجب العزاء في فقيد الأمة معالي الأستاذ سعد بن ناصر السديري -رحمه الله-، وهذا برهان ودليل قاطع على حب الناس له، نظراً لنجاحه وإخلاصه وحبه للناس، وهذا ليس بغريب على الرجل الشهم الأمين.
وقد خلف الفقيد أبناء عظماء مثله، نهجوا سيرته، وتتبعوا أثره، فكانوا مثلاً للكرم والتواضع ومحبة الجميع (ناصر وفيصل ومنصور)، حقاً لقد كان أسداً خلف من بعده أسوداً كراماً.
رحل أبو ناصر، ولكن بقي حيًّا في قلوبنا ومشاعرنا، فلن ننساك أبداً أيها الكريم الحنون، ستبقى يا أبا ناصر رمزاً لنا في كل شيء، حقاً لقد فقدنا أحد رموز هذه الدولة العظيمة، إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن، وإنا على فراقك لمحزونون.
اللهم ارحم هذه النفس الطيبة التي انتقلت إلى جوارك، واغفر له، ووسع له في قبره، واجمعنا به في جناتك، واجبر قلبنا بعده. اللهم ارحم من عجز عقلي عن استيعاب فراقه، ويؤلمني قلبي عند ترديد دعاء الميت له، يا رب ارحمه واغفر له، واجمعنا به في مستقر رحمتك.
** **
عبدالعزيز البدراني - الرياض