تولّى وأبقى بيننا طيب ذكره
كباقي ضياء الشّمس حين تغيبُ
الحياة الدنيا نزول وارتحال، والموفق الذي يرحل وقد خلف أعمالاً صالحة وذكراً حسناً وذرية مستقيمة ناجحة، وهذا كحال الدكتور عبدالعزيز بن حمد المشعل- رحمه الله- الذي توفي فجر يوم السبت 4/5/1445هـ وتمت الصلاة عليه عصر يوم السبت بجامع البابطين بالرياض ودفن في مقبرة الشمال، وقد أدى الصلاة عليه جمع غفير من أقاربه ومعارفه ومحبيه رحمه الله رحمة واسعة.
وكانت ولادته بالرياض في 27/7/1378هـ وعاش طفولته مع والديه وإخوته في بيت يسوده الطمأنينة والسكينة والمحبة. وبعد بلوغه السابعة من عمره ألحقه والده بمدرسة الناصرية الابتدائية عام 1384هـ، حيث كان والده الشيخ حمد بن إبراهيم المشعل إماماً لمسجد الملك سعود بقصره بالناصرية- رحمهم الله-.
وبعد أن أتم المرحلة الابتدائية التحق بمعهد الرياض العلمي عام 1390هـ إلى أن نال الشهادة الثانوية منه عام 1396هـ وكان من الطلاب المتميزين في المعهد علماً وأدباً ونشاطاً، ثم أكمل تعليمه بكلية الشريعة بالرياض في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية إلى أن تخرج منها عام 1400هـ بتفوق، وكان خلال المرحلة الجامعية وما بعدها من الطلاب الذين قرؤوا ودَرسُوا لدى سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز، وسماحة الشيخ عبدالله بن حميد وفضيلة الشيخ عبدالله بن قعود، وفضيلة الشيخ عبدالله السعد رحمهم الله جميعاً.
وبعد تخرجه تم اختياره معيداً في كلية أصول الدين قسم السنة النبوية وعلومها، وحصل على الماجستير بتفوق عام 1404هـ، بعدها نال شهادة الدكتوراه عام 1407هـ مع مرتبة الشرف الأولى حيث تناولت رسالته تحقيق سنن الإمام النسائي، بعد ذلك عين أستاذاً في كلية أصول الدين واستمر في تدريس الحديث في كلية الشريعة وأصول الدين إلى عام 1421هـ ثم رشحه معالي مدير الجامعة للعمل مستشاراً له، بعدها اختاره معالي وزير التعليم العالي مستشاراً له إلى أن تقاعد مبكراً عام 1425هـ.
وكان له مشاركات عدة في إلقاء المحاضرات العلمية والدعوية في كثير من الدول العربية وفي أوروبا وأمريكا وأفريقيا، كما كان له مشاركة في التوعية الإسلامية في الحج طيلة عشرين عاماً، وكان إماماً وخطيباً منذ عام 1398هـ إلى عام 1414هـ.
ومن الأعمال التي أحبها وأتقن فنها الفقيد الاهتمام بالمخطوطات وجمع الكتب القديمة فهو أحد الخبراء في هذا المجال، وقد اختير لفحص المخطوطات في مكتبة الملك عبدالعزيز ومركز الملك فيصل ومكتبة الملك فهد.كما زود هذه المكتبات بالعدد الكثير من المخطوطات النادرة.
كما أن له مكتبة حافلة بنوادر الكتب والمخطوطات النفيسة والنادرة وكأني به إذا دخلها يردد في خاطره هذين البيتين:
أُقلب كُتباً طالما قد جمعتها
وأفنيت فيها العينَ والعينَ واليدا
وأعلم حقاً أنني لستُ باقياً
فيا ليت شعري من يُقلبها غداً
وبعد تقاعده تفرغ لأعماله الخاصة والتجارة في سوق الأسهم والعقار، وكان -رحمه الله- طيب القلب لين الجانب بشوشاً كريماً وباراً بوالديه واصلاً لرحمه عطوفاً على الفقراء والمساكين والأيتام، كما أن أبا عبد المجيد -رحمه الله- له مبادرات إنسانية ونشاطات اجتماعية متنوعة، ومن الداعمين والمؤسسين لقصر المشعل في محافظة حريملاء ويحرص على مساعدة من يحتاج من الأقارب والمحتاجين.
ولنا مع الدكتور عبدالعزيز ذكريات ومواقف جميلة لا يتسع المجال لذكرها وتبادل الهدايا من الكتب.
وقد ابتلي بالمرض وظل صابراً محتسباً موصياً أبناءه وبناته بصلة الرحم والألفة فيما بينهم، وقد خلف ذرية صالحة بنين وبنات.
ولازالت هبات الله تترى
على مثواك كالغيث الهطولِ
رحم الله الفقيد وألهم أبناءه وبناته وعقيلته «أم عبدالمجيد» وإخوانه وأخواته وكافة أسرة المشعل ومحبيه الصبر والسلوان.
** **
- عبدالعزيز بن عبدالرحمن الخريف