صاحب السيرة والذكر العطر هو الراحل معالي سعد الناصر السديري -رحمه الله- الذي حاز ثقة ملوك وقيادات بلاده ابتداءً من الملك سعود -رحمه الله- الذي أصدر عام 1381هـ أمراً ملكياً بتعيينه أميراً للغاط وتضمن الأمر السماح له بإكمال اختباره، حيث أدى الامتحان وأنهى دراسته الجامعية في تلك السنة بحصوله على بكالوريوس في القانون من كلية الحقوق في جامعة القاهرة، وكانت الغاط وما زالت ترتبط في التنظيم الإداري بإمارة منطقة الرياض والتي كان أميرها في تلك الفترة هو خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله - وقد تمكّن الراحل في تلك الفترة من صقل خبراته الإدارية والأمنية والاجتماعية والثقافية ليتم ترشيحه بعد ذلك وبالتحديد في عام 1387هـ لموقع آخر، حيث أصدر الملك فيصل -رحمه الله - أمره بتعيين الراحل وكيلاً لإمارة منطقة المدينة المنورة فأصبح بذلك هو الرجل الثاني في إمارة المنطقة بعد أميرها في حينه الأمير عبدالمحسن بن عبدالعزيز -رحمه الله- ولما تمثِّله هذه المنطقة من أبعاد دينية وتاريخية واجتماعية وتنموية فقد انعكس ذلك على نشاط الراحل ومسؤولياته خلال تلك الفترة ولعب دوراً أكبر في التنسيق والإشراف على تنفيذ ومتابعة الخطط الحكومية المختلفة في المنطقة بالإضافة إلى ممارسته لدور قيادي متقدم في الحكم المحلي في المنطقة حتى تم تكليفه أميراً للمنطقة بالإنابة، ونظراً لارتباط الإمارة تنظيمياً بوزارة الداخلية فقد مكنه ذلك أن يكون على تواصل ومقربة من دائرة رسم السياسات وصنع القرار في الوزارة مما أدى إلى إثراء خبراته القيادية والإستراتيجية وقد تم تكليفه في عام 1407هـ أميناً عاماً لمجلس الأمن الوطني واستمر في هذا المنصب الحيوي والحساس حتى عام 1427هـ وخلال هذه المدة تم تكليفه أيضاً وكيلاً لوزارة الداخلية خلال الفترة من 1416هـ وحتى 1423هـ إلى جانب عمله، وقد كان خلال عمله أميناً عاماً لمجلس الأمن الوطني مسؤولاً عن رسم سياسات الأمن الوطني في ظل الظروف والأحوال الداخلية والخارجية السائدة والمتغيرة خلال تلك الفترة ، كما اطلع عن كثب خلال عمله وكيلاً لوزارة الداخلية على سير ممارسة الحكم المحلي في إمارات المناطق وساهم في خطوات تطويره ودعم دوره في تحقيق التنمية الشاملة في المناطق كما ساهم في تطوير بقية أعمال ومهام الوزارة ومتابعتها والإشراف عليها وتعزيز العمل المؤسسي، ثم تم تكليف الراحل خلال الفترة م1427هـ وحتى 1433هـ مستشاراً لوزير الداخلية سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز -رحمه الله - والذي أصبح فيما بعد نائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء ثم ولياً للعهد.
وخلال فترة عمل الراحل الحكومية وما بعدها كسب المحبة والتقدير والثناء والذكر العطر، حيث كان يدرك مدى رغبة وحرص وسعي ملوك وقيادات هذه البلاد وتطلعهم لتحقيق راحة المواطن وتحقيق التنمية الشاملة وتوطيد الأمن والاستقرار فجعل الوصول إلى ذلك هاجسه الأول وهدفه الأسمى في جميع مواقع العمل التي شغلها، كما اكتسب من ناحية أخرى المحبة والتقدير والثناء والذكر العطر من خلال العديد من النشاطات والإسهامات الاجتماعية والثقافية التي لا يتسع المقام هنا لذكرها، وفي معرض تأبين الراحل - رحمه الله- قال عنه الأستاذ بدر العساكر إنه (كرس حياته لخدمة وطنه خلال مراحل عمله المختلفة و(هو) أحد أبرز الرواد في مجتمعه) كما قال عنه الأستاذ راشد بن جعيثن الشاعر والأكاديمي المهتم بالموروث الثقافي الشعبي في معرض تأبينه أيضاً (أن له مكانة في النفوس الكريمة بشهامته وكرمه وبياض طويته وإشراقته الاجتماعية) رحم الله الراحل رحمة واسعة والذي كان أيضاً مثالاً في القيادة الإدارية الناجحة والمساهمة الاجتماعية والثقافية المثمرة.
** **
- ناصر الحنايا