حينما عاد بتال بن عيد مبارك آل عبادي -رحمه الله-، والمولود في محافظة وادي الدواسر 1386هـ، من الرياض، بعد إحدى زياراته للمهرجان الوطني للتراث والثقافة في الجنادرية، أسَّس ديوانية «العشاش» غرة شهر ذي الحجة 1429هـ، إذ كان الأمر أشبه بانفتاح اجتماعي وتراثي غير مسبوق في وادي الدواسر، كما هو الحال مع ابن «العشاش» عبدالله بن مبارك آل عبادي، الذي استلم زمام إدارة الديوانية غرة شهر رجب 1438هـ وحتى الآن، وتطورت الفكرة من خيمة إلى مكان أكبر وأوسع على مساحة 1000 متر مربع بجهود أصحاب الحي، لتقتحم الديوانية مجال تفعيل أدوارها الاجتماعية والتربوية، بهدف نشر المعرفة وتوسيع دائرة الوعي حول تاريخ وحضارة وتراث محافظة وادي الدواسر بين جميع أبناء المجتمع.
ومن «العشاش» كانت «الاحتفالات الوطنية» وكذلك «المناسبات الاجتماعية» و»الاجتماعات» و»المجالس» و»الفعاليات» الجسر المعرفي والتنويري بين محافظة وادي الدواسر والمحافظات والمناطق المحيطة؛ لتخلق حالات أفقية ممتدة في الذهنية المجتمعية بوادي الدواسر، التي باتت تؤمن بالفخر بالماضي بكل حب وأمانة، وتهوى ثقافة التراث بالرغم من العولمة التي حاولت - ولا تزال - تحاول التأثير على ذلك الاتجاه.
في «ديوانية العشاش» كنت الزائر الفخور الذي تشرّف قبل أشهر بدعوة لزيارة الديوانية الحالمة المستقبلية في محافظتي الغالية على قلبي، وفي نفس الوقت صادفتُ زيارة جنسيات متعددة ومتنوعة من السياح سواء من فرنسا وأمريكا والفلبين وغيرها من الجنسيات الأخرى للديوانية، الذين وجدت عندهم الشغف والرغبة بالتعرف على تاريخ محافظة وادي الدواسر وكيف كانت قديماً، ومنهم من رغب في تذوق الأكلات الشعبية التراثية، ومنهم من أراد اقتناء الهدايا والتذكارات أو الملابس التقليدية، وغيرها الكثير من الأهداف التي تجمعهم وجمعتني معهم جميعاً في مكان واحد جميل مدهش.
وجدتُ في «ديوانية العشاش» أنا وعدد من الزملاء الإعلاميين تفكيراً مغايراً، وأسلوباً مجتمعياً جديداً، يتسم بالمشاركة والتفاعل، وبأعلى معدلات معايير حب الوطن وقيادته الرشيدة لصناعة حفظ التراث المحلي وعناصره الثقافية.
كانت زيارة رائعة لي، فديوانية العشاش قرّبت التراث والأصالة والموروث للمجتمع، وما نشهده ونراه من عرَّاب الرؤية السعودية سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان من جهود في هذا المجال، هو يكرس ذلك، الأمر الذي يبث الطمأنينة المجتمعية بالإيمان بأن «التراث» هو الماضي والحاضر والمستقبل.
وختاماً الشكر لديوانية العشاش من رئيس وأعضاء، التي تثبت يوماً بعد يوم بأن التراث أثمن كنوز الحياة.