والسؤال هُنا عن «الكشاف» العضو الذي ينتمي إلى (المُنظَّمة الكَشْفيَّة) وليس الكشاف بالمفاهيم الأخرى؛ وأتحدث عنه هنا إجابة للسؤال الذي يتكرر علينا دائماً نحن المنتسبين إليها من هو الكشاف؟ فأقول وهي الإجابة التي أجيب بها الكل مستنداً على ما تعلمته طيلة حياتي الكشفية خاصة من ما جاء في تراجم المنظمة الكشفية العالمية: أن الكشاف هو الشخص الذي يتحدى ذاته، ويتحدى الصعوبات التي تواجهه في المجتمع، فالكشفية منذ الأزل ترفع شعاراً «ابذل قصارى جهدي» الأمر الذي يتطلب الالتزام الدائم والكامل بتحسين وجود وكينونة الإنسان من الناحية الروحية والأخلاقية والعقلية والاجتماعية والبدنية، «فبذل نصف الجهد لدى الكشاف» أمر ليس في قاموسه، بل هو شخصية حينما تكون ظهرت على أيدي قيادات كشفية حقيقية، تكون قد جبلت على النظر إلى ما في الأمور من ظاهرها وباطنها وذلك يتضمن استكشاف الدوافع الحقيقية للأمور ويتأكد من صحتها وجدواها، ويعمل بكفاح من أجل العمل في إطار الأخلاق الحميدة، ويتجنب أية موقف قد يؤدي إلى الغواية والانحراف، فضلاً عن حرصه على فتح الأبواب لكل أعضاء المجتمع الذي يعيش فيه، حينما يرى آخرون أنه يجب غلق الأبواب، كما يكافح من أجل أن يحيا يومه في إطار من المبادئ التي يؤمن بها وليس مجرد الحياة بشكل تقليدي وتلقائي، فهو يعلم أن كان قد تخرج على يدي قائداً كشفياً ملهم أن الحياة تتضمن عملية تعلم مستمرة فلا يتوقف أبداً عن اكتساب معارف ومهارات جديدة، ويفهم ويستوعب جيداً هذا المكان الرائع المسمى «الكرة الأرضية» ويعمل بشدة من أجل أن يكون سليماً صحياً حتى لا يحول الكسل والتعب والإرهاق بينه وبين المشاركة الفاعلة والكاملة في تنمية وتطوير المجتمع، وانطلاقاً من إمكانيات تطوير الفرد لذاته فإن الكشاف هو من يستطيع أن يتطلع إلى تحسين المجتمع والبيئة التي يعيش فيها ويعلم في نفس الوقت بأن هناك الكثير من الجوانب في الحياة تعتبر بعيدة عن المثل التي يتبناها، ويدرك أن العالم به الكثير من البشر الذين يحتاجون إلى مد يد المساعدة لهم، وأن يجدوا أصدقاء يثقون بهم، وأفعال خير يمكن أن تعيدهم إلى الطريق الصواب، كما أن الكشاف هو تلك الشخصية الملمة بما يحيط بها من أحداث جارية، ولديه القدرة على التعامل مع الأحداث باعتبار أن هناك القليل من الناس ممن لا يبدون اهتمامهم بالكثير من الأمور من حولهم بعكس الكشاف الذي لديه الشجاعة ليكون مثلايحتذى في القيادة سواء داخل بيته أو في المجتمع الخارجي، خاصة إذا ما علمنا أن الكشاف يعلم أهمية أن يحيا وفقاً لنمط أو منهج للحياة، فمن المهم أن يكون لدى الكشاف نظاماً ذاتياً يحكم سلوكه وعلاقاته بطريقة تعكس الأخلاقيات السامية والمثل العليا، وفي العالم الواقعي يعلم الكشاف كيف يستفيد من إمكانياته سواء في عمل الخير أو المنافسة مع الآخرين في عمل الخير، «فالاستثمار الاجتماعي» عبارة مشهورة تتداول كثيراً في عالم الأعمال، أما الكشاف فإنه يدرك تماماً أن الأعمال الجيدة هي التي يدعمها المجتمع مما يزيدها قوة وفعالية، حتى أنه قطع وعداً على نفسه أن يصنع معروفاً كل يوم كنوع من تسديد دين دون مقابل وحتى ربما دون أن يراه أحد، كما لا ننسى أهمية التمتع بالروح الكشفية لديه فهو يعلم أن وجود شخص واحد يثق بنفسه وقدراته يستطيع أن يحدث تغييراً كبيراً في العالم المحيط به حتى لو كانت تواجهه صعوبات عديدة، فكل ما يحتاجه الشخص هو أن يكون شخصاً مثابراً ولديه الإرادة والعزيمة لتحقيق أحلامه، وتحقيق وإنجاز تغيير لا يعني القيام بعمل ضخم، لكن الكشافين بتعاونهم وتآزرهم معاً يستطيعون أن يحركوا مجتمعاتهم نحو اتجاه إيجابي أفضل وذلك ما يمكن أن نطلق عليه «الروح الكشفية» وباختصار فإن الكشاف هو ذلك الشخص الذي يتمتع بروح الإنسانية، شخص معروف عنه الود والإحساس بالمسؤولية ويتسم بالاستقامة طالما توشح المنديل الكشفي وطوق به عنقه.