الثقافية - مسعدة اليامي:
ترتهن مهنة المذيع بأطراف متعددة، ربما تكون المعيار الأساس في نجاح المذيع أو عدم وصوله للمرحلة التي يطمح الوصول إليها.. اللغة العربية والثقافة وسعة الاطلاع وغيرها من المقومات التي ربما تكون سببًا في تألق للمذيع.. محاور عدة حول مهنة المذيع والإعلام والثقافة سيحدثنا عنها المذيع المخضرم عبدالعزيز بن فهد العيد في هذا الحوار..
البداية تكون بتحدي الصعاب
* ماذا تعني لك البداية في الإعلام, و ماذا فعلت حتى تطور من ذاتك في ذلك المجال, و هل ترى أن ذلك صعب رغم جمال الورد المحاط بالشوك؟
البداية الأجمل في تحدي الصعاب وبناء الهدف، والاستعداد له بالمهارات اللازمة من قراءة واسعة ، ومتابعة حية للأحداث المحلية والعربية والدولية ، وعناية تامة باللغة العربية ، والاشتراك المبكر في النشاطات اللاصفية مثل شعبة المسرح والإذاعة في مستويات التعليم المختلفة ونهاية بالجامعة. جمال الحصول على الشيء، من التحديات التي تسبقه أو تصاحبه ، وما يهون المغامرة هو الورد الذي يحيط به الشوك ، لكي يكون الحصول عليه عزيزاً ونادراً، وليس متاحاً للكل.
الطاقة الفاعلة
* ماذا تقول عن مشوارك في الإعلام, بجميع خطوطه الزمنية التي لا شك أنها تركت بداخلك أثر؟
مشوار جميل جداً بكل أزمانه رغم كل العقبات التي اعترضت الطريق في كل مراحله، ذلك أنها تركت أثراً لدى جمهور المتابعين في الإذاعة والتلفزيون وعلى وسائل التواصل الاجتماعي..التي أتعايش معها الآن وتمدني بطاقة فاعلة في مرحلتي الحياتية بعد التقاعد.
تعدد مصادر اللغة العربية
* كان يقال لنا: في الدورات الخاصة بالإعلام أن نتابع نشرات الأخبار, أنت اليوم ماذا تقول ,و ما هي البدائل لتنمية اللغة غير الأخبار؟
فعلاً في الزمن الماضي كانت الأخبار مصدراً رئيساً للإلمام باللغة العربية الفصيحة ، حيث كان أساتذتنا الكبار يقرؤون بلغة سليمة غير ملحونة، ويتحرون الدقة في كل كلمة ومفردة وجملة ، وقد أكرمنا الله بمزاملتهم والتعلم منهم. أما الآن فقد تعددت مصادر اللغة العربية، فهناك الحسابات الرسمية لمجتمع اللغة العربية في العالم العربي، والمواقع الرسمية لأقسام اللغة العربية في الجامعات، وكذلك منصة ( اليو تيوب) مليئة بمحاضرات اللغة العربية تبسيطاً وإيضاحاً لكل مستويات العلم والفهم,ولم يعد لأي منا حجة في التقصير في خدمة لغتنا والقراءة والكتابة الصحيحة بها وعنها.
عدم ترك الساحة للغثاء
* هل ترى أن القمة اليوم للإعلام الجديد ,و أن كانت المادة هشة .كيف علينا تجاوز تلك الهشاشة بتقديم أعمال ذات جودة و تستحق المتابعة؟
الدخول في المعمعة والمشاركة القوية والفاعلة، وعدم ترك الساحة للغثاء مما قلْت فائدتهُ وكثر ضرره، كل فرد منا يؤمن بهذه الوضعية ويراها لا تمثلنا ، عليه السعي بتغييرها من خلال نفسه ، فلا يؤيد ولا يدعم خطاباً أو تغريدة ضعيفة ليس فيها من قيمنا شيء، و ينشيء مع الآخرين الذين يراهم يمثلونه خطاباً معتدلاً ، متسامحاً لا عنصرية فيه ، مضمونه العدل ( وإذا قلتم فاعدلوا)
شعاري:الاستعداد
* ماذا يحدث لك عندما تشاهد أحد برامجك يعرض على قناة ذكريات, و هل تقول لنفسك( لو كنت فعلت كذا, أو قلت كذا) أم أنك قانع بأن ما قدم مناسب لذلك الوقت؟
أُسعد بما أشاهده من برامجي على قناة ذكريات أو على موقع اليوتيوب، لأني بتوفيق الله كنت أحرص أشد الحرص على أن أعد برامجي بنفسي أو أشارك بالجزء الأكبر منها لكي أصل إلى أعلى معدل من القناعة بالمحتوى المقدم واللغة والمضمون، في أي حقل أشتغل عليه، ولم أسمح لنفسي في أي يوم بالحضور متأخراً ، أو عدم الاستعداد والتنسيق على الإطلاق ، وأحاول مساعدة الزملاء في الإعداد والإخراج لكي أطمئن تماماً للنجاح لكل العاملين في فريق البرنامج أو النشرة أو الرسالة اليومية إضافة إلى النقل التلفزيوني المباشر
عمل ورشة لدراسة واقع القناة الثقافية
* أشرفت على القناة الثقافية فما هي الاستراتجيات التي تحققت , و ما هي الأشياء التي كنت تتمنى أن تأخذ مكانها و لم يحصل؟
برغم مدتي القصيرة ، أكملت السنتين فقط، إلا أني جئت إليها بخطط طموحة جداً لدعم الثقافة والأدب والفن في السعودية
تحقق منها لأول مرة:ـ نقل مباشر مشترك لأول مرة بين القناة الثقافية وإذاعة الرياض إبان كان مديرها المخرج المبدع الأستاذ عبدالعزيز الزاحم لبرنامج رمضاني حواري منوع ، أسمهُ ( ليالي البجيري) وكان يقدم من الحي ذاته في الدرعية ، بفريق مشترك في كل فقراته من القناة والإذاعة ، وقد قدمت منه (19) حلقة.
تخصيص وسم في أعلى الشاشة لأي حدث باسم الشخصية الراحلة أو الفائزة بجائزة ثقافية على مستوى الوطن أو الوطن العربي( ويبقى هذا الوسم 24 ساعة).
استحداث نشرة ثقافية عند الساعة الثالثة عصرا، إضافة للنشرة الثقافية المسائية التي كانت قائمة من قبل ,ولأول مرة يَتم عرض أفلام سعودية قصيرة على القنا ة الثقافية ، بإمكانياتها الإنتاجية البسيطة،ولكنه التشجيع الذي وددت بثهُ في شبابنا وشاباتنا وقتها ، وقد تم عرض ما يقارب (120) فلماً.بالنقل المباشر لحفلي الافتتاح والختام لمهرجان الأفلام السعودية ، الذي أشتغل عليه الصديق المبدع الأستاذ أحمد الملا، بتمويل من جهات عدة، وكذلك النقل المباشر لمهرجان أقرأ الذي تُمولهُ أرامكو عبر إثراء ( مركز الملك عبدالعزيز العالمي) وعمل أستوديو يومي يتابع الفعاليات من مقر المهرجانين.
أما الأشياء التي لم تتحقق هي:جمع نخبة من المثقفين من مختلف التخصصات الإبداعية، في ورشة عمل لدراسة واقع القناة الثقافية، ورؤاهم لتطويرها. أسبوع الثقافية للأفلام الوثائقية,جاليري داخل هيئة الإذاعة والتلفزيون لعرض الأعمال الفنية,مكتبة ورقية ورقمية تابعة للقناة,تمويل أفلام وثائقية عن قيم سعودية, وغيرها كثير.
البرامج غير قابلة للعودة
* ماذا تقول عن عودة القناة الثقافية اليوم, و هل ترحب في حال طالب الجمهور بعودة بعض البرامج مثل ( الصالون السردي,صريح جدا,الخط الأبيض) و غيرها من البرامج التي لا تزال إلى اليوم جديرة بالمتابعة؟
أنا مسرور غاية السرور بعودة القناة الثقافية التابعة للإم بي سي وأرجو لفريقها كل الموفقية، ولا أظن أن أياً من البرامج المذكورة في السؤال قابلة للعودة، بسبب تغير الزمن والجمهور ووجود البديل الجيد
* التعلم و المعرفة لا يقف عند سن معين مؤمن بذلك، و ما هي استراجيتك لإنجاح تلك المهمة؟
الحمد لله ، مازلت في مرحلة الإعداد لدراسة الماسترو في لندن حسب الخطة ، ومستمر في تطوير لغتي الإنجليزية، والدخول في اختبارات ( الأيلتس) لزيادة درجاتي لرفع نسبة القبول بإذن الله، والمخطط أن أكون هناك في سبتمبر 2024 لبدء الدراسة بحول الله.
واجب يومي
* القراءة ماذا تعني لك , و هل هي من المكونات الأساسية في الهوية الخاصة بالإعلامي, و ما أهم الكتب التي قرأت في حياتك المهنية و اليوم؟
القراءة بالنسبة لي واجب يومي ، أقوم به وقد زدت جرعة القراءة بعد التقاعد ، في السير الذاتية والتراث وكتب اللغة العربية والروايات بالعربي والإنجليزي.
في السنوات الأخيرة استمتعت بقراءة السير الذاتية ل:-
(د حمزة المزيني,د عبدالواحد الحميد,د علي الخضيري,د عبدالعزيز خوجة,عمرو موسى,مصطفى الفقي,أحمد أبو الغيط,زاهي حواس)
واقع التدريب لا يسر
* التدريب .. كثرت البرامج التدريبية المقدمة عن قرب و عن بعد من خلال المؤسسات التدريبية , و فروع هيئة الإعلاميين و جمعية إعلاميون. المحصلة هي عدد الدورات و عدد المشاركين. أين المواهب و أعمالهم و تطورهم بعد كل تلك الجهود المبذولة؟
إيماني بالتدريب العملي قوي جداً، ولا أرى التدريب النظري للإعلامي بشكل عام والمذيع بشكل خاص,وواقع التدريب لايَسُر ، لأنه أحياناً يقدم ممن لا يملك الموهبة والعلم لنفسه؟! فكيف ينقله للآخرين؟,ثم أنهُ أصبح تجارة رائجة ، دخل فيها كل من هب ودب، فلم يعد الباحث عن التدريب الجيد على صورة واضحة لما يجري.
موهبة أصيلة
* (التحرير, الإعداد, التقديم) ماذا تحتاج مِنْ جُهد حتى تصل بصاحبة إلى نوع من التميز؟
تحتاج لموهبة أصيلة مستعدة بالقراءة والتعلم ، والشغف القوي الذي يسرع الفهم والاستيعاب.
أكتب متأملاً
* هل سنرى كتاب عن مشوارك الإعلامي و أن كنت لا تفكر عليك من اليوم أن تفكر في ذلك التوثيق المهم لمرحلة من مراحل الإعلام السعودي الذي عاصرت؟
أكتب ببطء منذ عدة سنوات، وأتأمل ما أكتب، لأني أريد في النهاية أن أكتب ما يستحق أن يقرأ.
السرعة قوية في الأعوام الأخيرة
* الإعلام المقروء و المسموع و المرئي لماذا لا نتعلم كيفية التنافس بدل سحب البساط, مات , انتهى. ألا يوجد في الشارع التجاري الواحد أكثر من محل ( عطارة ــ عطورــ مطاعم) تعيش حالة من التنافس و التطوير؟
التنافس قائم ، لكن سرعة التغير قوية جداً في الأعوام الأخيرة ولم تعد كما كانت في السابق بطيئة، ولذا فالتنافس صار مع ركوب موجة الوسائط الجديدة ، وليس بين التلفزيونات لوحدها أو الإذاعات أو الصحف الإلكترونية وهكذا.
الصحف الالكترونية انتهت
* هل رأيت أن الصحف الالكترونية الرقمية قد تمكنت من أن تكون ذاتها بتقديم ما يميزها عن الأخر,و ما هي الصحف الرقمية التي تستحق المتابعة و لماذا؟
الحقيقة أن الصحف الإلكترونية انتهت إلى أقل من أصابع اليد الواحدة بدل الآلاف السابقة في بداية الألفية الثانية، وقد تأثرت بما تأثر به غيرها من دخول تويتر والفيس والتوك توك والسناب واليو تيوب، كوسائل سريعة في التغطية الخبرية، وكذا نشر المقالات والمقابلات وغيرها من فنون العمل الإعلامي
الخروج عن النمط التقليدي
* الخبرـ السبق الصحفي ــ هل لا زال لها وجود و قيمة في عصر السرعة ,و كثرت الانتشار للعمل الواحد المخلف للملل و الروتين عند المتابع ؟
الحقيقة كما ذكرتِ أ مسعدة ، وهذا فعلاً جاذب للملل والنمطية المقيتة في العمل الإعلامي، لكن الإنسان صانع الحوارات الموهوب يظل على تواصل مع ما آمن به ودافع عنه، المصداقية والثقافة الرصينة، والخروج عن النمط التقليدي في الصياغة والابتكار في الأسئلة
التخصص ثم التخصص
* قراءتك لدور الإعلامي بمختلف التخصصات للمرحلة الحالية التي تمر بها السعودية من تطور و تقدم و انفتاح على مجالات الفنون العربية,و الغربية التي أصبح لها حضور في مختلف المناسبات ؟
الإعلامي لابد أن يكون متخصصاً في حقل معين من حقول الثقافة ، ويقرأ فيه باللغتين العربية والإنجليزية ويطور مهارتهُ في التلقي ، كي يبرز ويعرف.
لا مكان للجامدين والراكدين في عالم اليوم المتغير، تغير بما يُلائمك و ما يُشبه شغفك.