د.عبدالعزيز العمر
إن اشتياقنا اليوم إلى المدرسة بعد طول غياب هو تعبير فطري صادق عن بشريتنا وعن طبيعتنا الإنسانية التي تميل إلى التفاعل والتناغم مع الآخرين بما يحقق لنا نموا اجتماعيا متوازنا وثراء معرفيا، ولذا فإن من أهم أهداف المدرسة اليوم هو تحقيق التنشئة الاجتماعية أو التنميط الاجتماعي (Socializing)، ليكون الطالب عضوا فاعلا في مجتمعه متناغما معه ومنتميا إليه. وهنا تظهر أبرز أوجه قوة التعليم الحضوري ونقص التعلم عن بعد. ارتبطت المدرسه لدينا بمجموعة من المناخات والمظاهر الاجتماعية الاقتصادية، وهي مظاهر أصبحنا اليوم في حالة حنين إليها، لدينا اليوم حنين إلى أن نرى العائلة والأطفال يصحون مع الفجر، لتبدأ الأم في إعداد إفطار الصغار، وتغيير ملابسهم، والتأكد من تجهيز حقائبهم المدرسية، اشتقنا إلى (نرفزة) الأب وهو في السيارة يحث أطفاله على سرعة الخروج تحاشيًا للتأخر الصباحي. افتقدنا بعض القفشات مثل أن يعود الأب إلى البيت من منتصف الطريق إلى المدرسة بعد أن يكون أحد الأطفال قد نسي حقيبته أو قلمه أو (فسحته)، اشتقنا إلى رؤية أطفالنا وهم يلبسون زيهم الرياضي ليلا استعدادا لمباراتهم غدًا مع 4/ب. اشتقنا إلى نرى الأطفال يتوجهون مع آبائهم إلى المدرسة لحضور مجالس الآباء. اشتقنا إلى أن نرى الأطفال يجتمعون على حديث صباحي جميل أمام المدرسة قبل انطلاق يومهم الدراسي. أصدقكم القول إنني كنت استمتع يوميًا بمشاهدة بعض هذه المظاهر الاجتماعية عندما كنت أمارس ركضي الصباحي اليومي في الحي الذي أسكنه.