النجم الذي ارتقى
يحضر أستاذي الجليل يحيى بن محمد عطيف - رحمه الله - في ذهني من خلال بُعْدَين راكزين في الذاكرة، وهما بعدا «الأستاذ والزميل»، فقد شرفت أن أكون أحد طلابه في مرحلة البكالوريوس، وكان الأستاذ البلاغي الذي يجلله العمق المعرفي، ويسعده السؤال، بقدر حفاوته وقدرته على الإجابة والإحاطة، وشرفت بأن أكون زميلاً له في القسم أيضاً، فكانت محاوراته العلمية، ومداخلاته تشهد بقيمة وقامة، ومعرفة يزينها العمق التراثي، والانفتاح المعرفي الذي لا يرفض الجديد، لكنه يرفض أن يُنال من الأصيل الذي يؤسس، ويعمق، ويضيف؛ فكان مرجعاً في بابه، عمدة في تخصصه. وهي قدرة علمية اتجه بها في بعض مؤلفاته إلى البلاغة القرآنية، محتسباً الأجر، راغباً في الكشف عن بعض تجليات الجمال البلاغي في الكتاب العظيم.
رحل أبو محمد وبقيت لنا آثاره، وذكرياته البيضاء، شاهدة على أنه كان الوفي للعلم الحفي بطلابه وطالباته الذين قدموا درساً عملياً في النبل لأستاذ حقيق بكل ثناء، جدير بكل وفاء.
رحل وبقيت لنا منه - قبل ذاك وبعده - الكلمة الطيبة، والذكرى الندية، ولا يبقيهما في النفوس الشاهدة إلا ذو حظ عظيم.
... ... ...
- عبد الله حامد
* * *
العاصف الساكن
في قرية الحصامة نهض بمنكبيه نهضة الجبل، تغلي في دمه قطرات همة ثائرة تزمَّلت بثوب الوقار، وحسن السمت، عاش متنقلاً بين مشتى مشروعه البلاغي المتزن وصيفه، وبين نجده ووهده، لم يحبسه قيد الألقاب، ولم يلفته بريق المقاعد، يحدِّث الناس بقلمه أكثر مما يحدثهم بلسانه.
يطلق عقول طلابه في طرق البحث السالكة التي هيأها، وكأنما يريد لهم أن يقفوا على آثار روعتها وحسنها، وينفلتوا من قيد تمثّلها واحتذائها.
ما عجبتُ من عاصف ريح النقد المدوِّي في قاعات المناقشات العلمية، ولكن من سكونها في حضرته، وخشوعها بين يدي علمه الغزير الذي يناوله وجدان الباحث المضطرب في حنو وحَدَب وأدب، لا يعكره حظوة النفس والانتصار لها.
ولأن الدكتور يحيى عطيف عميق الإحساس بالزمن، فقد بسط كفيه سريعاً على بحر البلاغة الممتد ورياض الخلق الأرج، ثم امتطت روحه الغياب، وقالت: إلى السماء.
... ... ...
- د. فاطمة المسهري
* * *
رحل ولم يرحل أثره
اسم الأستاذ الدكتور يحيى عطيف اسم له قيمته العلمية في قسم اللغة العربية بجامعة الملك خالد، حظي بمكانة خاصة متميزة عند طلابه، عاش عظيمًا ومات عظيمًا.
لم يعبر اسمه مثل غيره في تاريخ دراستي، لا أعلم لماذا منذ أول محاضرة ترك أثرًا لا يمكن تجاوزه، جمع بين العلم والأخلاق وما زالت مواقفه الأبوية الحانية تلهمني في كثير من المواقف، ضرب أروع الأمثلة في تقدير طالب العلم والدفاع عنه على الرغم من الفارق العلمي بيننا، إلا أنه دائماً ما كان يشعرنا بأننا لا نقل عنه علمًا، جمع بين الصمت والهيبة والوقار، وما ذلك إلّا خلق العظماء، وماذا عساني أن أقول في مناقشاته العلمية كانت كلماته منتقاه تحث الطالب ولا تثنيه، ترشده ولا تحبطه، تخلق شعوراً بالإعجاب لدى السامع لها، فما بالك بالطالب الذي يكون في أمس الحاجة لتلك الكلمات، كان كبيرًا بعلمه كبيرًا بتواضعه، فقدنا شيخًا عظيمًا وفقدت البلاغة علمًا من أعلامها الأوفياء، رحم الله أستاذنا وشيخنا رحمة الأبرار، وجمعنا به في جنات النعيم.
... ... ...
- د. إلهام الغامدي
* * *
يحيى
يَاءٌ وَحَاءٌ وَيَاءٌ بَعْدَهَا أَلِفُ
هَذِي حُرُوفُكَ فِي الأَمْجَادِ تَأْتَلِفُ
فِي يَاءِ يَاءيْكَ مَعْنَى الفِعْلِ نُبْصِرُهُ
وَفَيهِمَا مِنْ تُقَاكَ العِزُّ والشَّرَفُ
وَالحَاءُ تَحْكِي سُكُونَ النَّفْسِ فِي ثِقَةٍ
وَفَيهِ لِلْحُبِّ مَعْنَىً فَوْقَ مَا أَصِفُ
لَكَ الصَّدَارَةُ فِي عِلْمٍ وَفِي أَدَبٍ
عَالٍ كَما أَلِفٍ فِي عِزَّةٍ تَقِفُ
لَكَ (البَلَاغَةُ) تَجْنِي مِنْ أَطَايِبِهَا
حُلْوَ الرُّؤى.. حَوْلَكَ الأَسْمَاعُ تَعْتَكِفُ
هَذَا (بَدِيعُ) (المَعَانِي) و(البَيَانُ) هُنَا
جَاؤُوا فَلَا بِسِوَاكَ اليَوْمَ تَعْتَرِفُ
يَكْفِيكَ فَخْرًا بِأَنَّ الوَقْتَ تَمْلَؤُهُ
(بَلَاغَةً) وَمِنَ القُرْآَنِ تَرْتَشِفُ
مَا مُتَّ.. تَبْقَى عَلَى أفْوَاهِنَا نَغَمًا
يَاءٌ وَحَاءٌ وَيَاءٌ بَعْدَهَا أَلِفُ
... ... ...
- إبراهيم بن محمد هجري
* * *
الأديب الخلوق
شَرُفت كما شَرُف غيري ممن تتلمذ على يد الأستاذ الدكتور يحيى بن محمد عطيف المرحلة الجامعية الجميلة ، وحين أتذكر اللحظات الرائعة التي كان يقف أمام طلابه بكل شموخ وأدب وثقافة، أزهو به علماً وأدباً وأخلاقاً .
كان يدرس البلاغة لنا وكم كانت هذه البلاغة جميلة بمعناها ومن أداها، فقد كان رحمه الله تعالى نعم المعلم ونعم المربي ، فقد جَمُلت البلاغة به فأداها على خير من يؤدي أمانته رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جناته.
... ... ...
أ. د. مهدي القرني - وكيل جامعة بيشة
* * *
منعطف لقاء
كان قدري أن ألتقي د. يحيى عطيف في المنعطف الأخير من حياته، فقبست منه جذوة علم ووقار بقيت عالقة في ذهني، منذ تلك المناقشة العلمية التي شاركته فيها فأفدت فيها من طريقته، رحمه الله، في السبر الدقيق والخلق الأنيق، فهو يحفظ للعلم حقه وللطالب جهده، في حدب أبوي رصين، وقد كان في نيتي أن أتواصل معه في هذه الطريق، لكن شاء الله أن يسبق الأجل وينقطع الأمل، فأسأل الله سبحانه ألا يحرمنا لقاءه، في جنات ونهر، في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
... ... ...
- د. سعود حامد الصاعدي
* * *
فاجعة رحيله
عرفت الأستاذ الدكتور يحيى عطيف (رحمه الله) إبان دراستي الجامعية أستاذاً لمادة البلاغة، فأنا أتحدث عن تاريخ يمتد لحوالي ثلاثين عاماً، عرفته فألفيت فيه غزارة العلم ودماثة الأخلاق ونقاء السريرة وتواضع العلماء وسمت الفضلاء ، وما زال صدى صوته يقرع أذني بآيات يتلوها أو أبيات يردّدها يبين معانيها ويجلّي صورها البيانية ، وامتدّت علاقتنا بعد ذلك في الجامعة فلم تغيّره السنون ولا حوادث الأيام ، وظل يواصل عطاءه تدريساً وإشرافاً وتبنّى مشروعه الخاص بالبلاغة القرآنية فكتب فيها كثيراً ووجّه إليها طلابه.
وفُجعنا - ونحن نستعد لبدء العام الدراسي - بوفاته رحمه الله، وقبل ذلك كان يحاول الاعتذار عن العمل في الفصل الأول لظروفه الصحية وأنه سيكون معنا في الفصل الثاني ، وكنت وزميلي رئيس القسم د. علي آل نومة نتداول الرأي لإقناعه بأن يتغلب على ما يعترضه ويعطي محاضراته في الفصل الأول ، ولم ندرِ أنه الوداع الأخير وأن هذه المحاولات ستذهب أدراجها فجاءت المنية فجأة ، وأحسسنا بهول الموقف وفداحة وألم الفقد ، واليوم نؤبن أولئك الرجال الذين أخلصوا للعلم طلباً وتعليماً وغرسوا في قلوبنا دوحة الوفاء، فأبصرت عيوننا رياض الذكريات فلم تر إلا كريم الأخلاق وطيب السجايا ، رحمه الله وتقبله في الصالحين.
... ... ...
د. يحيى الشريف - عميد كلية العلوم الإنسانية - جامعة الملك خالد
* * *
خلقٌ نبيل حتى الرحيل
أستاذنا البلاغي الكبير يحيى بن محمد عطيف - رحمه الله - مدرسة في العلم والأدب والأخلاق، قامة تستحق الإجلال وتستوجب الوفاء، ترى فيه سمت العلماء ونظر الحكماء وشيم الكرماء وخصال الأوفياء .
لن أتحدث عن جنابه العلمي وخدمته للعلم ومكانته فيه، وانقطاعه لخدمة القرآن الكريم وجهوده في البحث عن مظاهر إعجازه ودراسة معانيه، ولا عن جنابه العملي وعطائه وإخلاصه وتفانيه؛ فالكلام عبارة والمقام إشارة، وسيرته العطرة وأيامه النضرة أفصح بياناً وأصدق برهاناً.
سيقتصر المقام على نقل باقة من باقات كرمه، وصورة من صور تواضعه كانت قبيل رحيله بنحو أسبوعين.
اتصلت به لأجدد العهد به، وأرفع لمقامه طلباً ألتمس فيه الموافقة على تجديد عقده أستاذاً للبلاغة والنقد في برنامج الدراسات العليا في القسم الذي يعد عمدةً من عمده وركناً من أركانه؛ فقدّم مقدمةً يذكر فيها شيئاً مما يراه بحسن ظنه ليصل إلى نقطة الجواب عن الطلب المرفوع إلى مقامه، مقدِّماً ألطف الاعتذار مبدياً أشد الحرج، ولم يكن اعتذاره لأجل السفر الذي يقطعه كل أسبوع من قرية الحصَّامة بأحد المسارحة إلى جامعة الملك خالد بأبها، لتقديم محاضراته والإشراف على طلابه وطالباته، ولا بسبب تقدمه في العمر وعطائه لأكثر من أربعين عاماً قضاها في رحاب العلم والعمل بعيداً عن الأضواء والأصداء، ولا بغير ذلك من الأسباب التي لو ذكرها أو اعتذر بها لكانت كافية مقنعة، وإنما كان الاعتذار بسبب ظرفه الصحي الذي لا يستطيع أن يقطع فيه بحد أو يلتزم فيه بوعد .. ولم يقف الأمر عند هذا الحد .
فوجئت بعد يومين من هذا الموقف باتصال كريم منه، وبعد الترحيب به بادأني بقوله: لم ترض نفسي منذ أغلقت خط الاتصال منك، وأرى أنني لم أقدر هذا الطلب؛ فلذا سأكون معكم في الفصل الثاني (1442) ثم قال بالنص «إن مد الله عز وجل في عمري».
وقد وقع ما احترز منه، قبل أن يتمكن مما طيّب الخواطر به..!رحم الله العالِم الكريم، وجبر المصاب العظيم.
... ... ...
د. علي بن محمد آل نومة القحطاني - رئيس قسم اللغة العربية وآدابها
* * *
في حضرة الأستاذ ورحيله
أعتقد أن من يكتب عن الراحلين هم الراحلون أنفسهم؛ بما أودعوه في قلوب من فارقوهم من معانٍ لا يوجد ما يستدعي تزييفها؛ لن يسمعوهم إن مدحوا، ولن يعاتبوهم إن قصروا، إنها كتابة منزهة من كل الدوافع، تفرض نفسها لمن يستحق.
وحين أرتقي للكتابة عن شخصية بحجم أستاذنا الراحل أعجز عن الوفاء بحقه، وتعتري أحرفي هيبة الحياء التي طالما كانت سجيته رغم سعة علمه وبلاغة حرفه، إلا أنك تشعر في حضرته بأنه «فيك انطوى العالم الأكبر»!
وبعد أن أسمع رأي أساتذتي فيه أدرك يقينًا أن ذلك الخلق الكريم، والعلم الغزير، والعطف الأبوي، والتوجيه المؤدب سجية سبقتني بسنين طويلة، وأنها هبة من الله، وطبع لا يتغير جعله أستاذًا في العلم والخلق والسلوك والحب وكل جميل.
في حضرة الأستاذ عطيف عرفت أن العلاقة الوجدانية بين الأستاذ وطلابه تستطيع أن تؤثر أعمق تأثير، وتتجاوز في تأثيرها أحدث النظريات في التربية، وأن العطف شيمة الأساتذة الأقوياء حين يرون تعثر طلابهم وهم يستنيرون بهم في مفازات البحث وسلم التحصيل.
وفي رحيل الأستاذ يحيى تيقنت بأن الأثر الجميل يحيا، وأن النوايا الطيبة لا تموت، وأن العمل الخالص خير ما يورث، وأن ليس للإنسان إلا ما سعى.
... ... ...
- د . معيض بن عطية القرني
* * *
قامة علمية
لم يكن اسم الأستاذ الدكتور يحيى عطيف عابرًا في مسيرتي العلمية؛ لأن المخلصين لا يمرون ثم يتلاشون من حياتنا؛ يحتل الراحل مكانة علمية رفيعة بين طلابه وزملائه، فهو علم من أعلام البلاغة العربية في زمننا المعاصر، اختط في صفحة التاريخ سبيلاً نيراً عميقاً، فبات مشروعه العلمي في البلاغة منارة عالية تهدي الراغبين في العلم، والمتعطشين للمعرفة.
كان متمكنًا في علمه، مخلصًا في عمله، يربت على كتف طلابه بحنو، ويناولهم المعرفة والعلم بسمت العلماء وتواضعهم، تشرفتُ بالدراسة على يديه في مرحلة البكالوريوس بجامعة الملك خالد، كان شديد الارتباط بالبلاغة، مجيداً لها، زرع حُبه وحبها في قلوب طلابه، ينطلق في بلاغة القرآن فيغوصُ في معانيه بشكل يشد الانتباه.
... ... ...
د. صالح بن سالم الحارثي - أستاذ الأدب والنقد المساعد بجامعة نجران/ مدير نادي نجران الأدبي
* * *
الفقد يوجع
الفقد يوجع .. والعزاء توجّعُ
والصبر في إثر الفجيعة أوسعُ
يا سيرة العطر الذي لا ينتهي
ماذا تقول الروح وهي تودّعُ
يحي .. ويرتبك الكلام مهابةً
من أين نبدأ والقصائد تُفجعُ
شيّدت بالآيات عمراً ثانياً
والذكر يا علَمَ الثقافة يُسمعُ
وغرست في كل القلوب محبةً
والحبّ أجمل ما عليه نوقّعُ
يا ابن العطيف .. وكل شيءٍ راحلٌ
لكنّ عمرك في النفوس موزّعُ
... ... ...
- محمد إبراهيم يعقوب
* * *
الصوت العميق
الدكتور يحيى عطيف اسمٌ يرتبط في ذاكرتي بالسيرة العطرة ، والقلب الكبير ، والروح الجميلة الهينة اللينة ..
أستاذ جمع بين قمتي العلم والخلق ، فاحتار القلم ماذا يكتب..؟!
لا ننسى ما حيينا نحن طلابه وطالباته صوته الرخيم العميق الذي يحمل كل هدوء العالم ودفئه ..
ولا ننسى تلك السكينة والأمان التي تغشانا ونحن في محاضراته وفي حضرته ...
عاش حياته مع القران باحثاً عن بلاغته وبراعته ، وألف كتبه فيه .
هذه الكتب التي ستكون عزاء تلاميذه من بعده..
... ... ...
عبير الحسين - باحثة دكتوراه
* * *
علم مجدد
كنت صديق الأستاذ الدكتور يحيى عطيف وجليسه في مكتبه بقسم اللغة العربية وآدابها؛ وكان - رحمة الله عليه - من خيرة أساتذة جامعة الملك خالد علماً وفضلاً، كنت صديقه وجليسه في مكتبه بقسم اللغة العربية وآدابها وكان شيخاً من شيوخ اللغة العربية في هيبة ووقار، كان لا يتحدث إلا قليلاً فيما ينفع الناس من جليل العلم، كنت أستمتع بأحاديثه عن عبقرية البلاغة العربية، كان على علم بأخبار الجامعة التونسية وما يجد فيها من بحوث في فقه اللغة وعلم البلاغة.
من أهم ما كتب وحبر كتابه البليغ محاولات التجديد في البلاغة العربية، الكتاب رحلة طويلة وممتعة في علم البلاغة العربية وأطوارها ومنعرجاتها وما يشقها من قضايا لغوية وكلامية وأصولية فقهية، بل تجاوزها إلى مسألة التجديد والتحديث في ضوء علم الأسلوب الجديد La nouvelle Stylistique عند علماء البلاغة المعاصرين، وبسط القول في إشكالية علاقة البلاغة العربية القديمة بالأسلوبية والبلاغة الجديدة La Nouvelle Rhétorique وكانت رؤيته إلى البلاغة العربية في غاية التنوير تعالق بين التراث والحداثة.
أدعو له - رحمة الله عليه - بما دعا به هو لمشائخه وأساتذته من أصحاب الورع والعلم والفضل:
أرسى النسيم بواديكم ولا برحت حوامل المزن في أجداثكم تضع
ولا يزال جنين النبت ترضعه على قبوركم العراضة الهمع
... ... ...
- أ. د. منصف شعرانة
* * *
نجم أفل
تلوح في سمائنا دوماً نجوم برّاقة لا يخفت بريقها، تبهجنا إضاءتها، ويسعدنا بهاؤها
وعلى رأسهم الأستاذ الدكتور يحيى عطيف - رحمه الله - الذي نقش اسمه بحروف الحب في قلوبنا، وحفر ذكراه بإزميل الطيب في عقولنا، لقد كان له قصب السّبق في ركب العلم والتّعليم عامة ولدى طلابه خاصة .
فله منا أصدق الدعوات أن يسبغ الله عليه في قبره شآبيب الرحمة والمغفرة وأن يجزيه خير ما جزى به محسناً على إحسانه.
ولو أنّني أوتيت كلّ بلاغة
وأفنيت بحر النّطق في النّظم والنّثر
لما كنت بعد القول إلّا مُقصّراً
ومُعترفاً بالعجز عن واجب الشّكر.
... ... ...
د. سعيد بن عبد الله القرني - عميد الموارد البشرية في جامعة بيشة
* * *
سيد الفصاحة
منذ البدء كان سيد الفصاحة والبلاغة والخلق الرفيع، ولا غرابة أن يكون كذلك بعد أن رسم لنفسه طريقاً زينه برحلة علمية في عالم البلاغة والنقد، وتوجه بأثره الإنساني ومحبته التي سكنت قلوب من عرفوه وتعاملوا معه أو استمعوا إليه وهو يتحدث عن إعجاز القرآن الكريم والتجديد البلاغي، حيث كان من المهتمين به والمبدعين في الحديث عن أسراره البلاغية.
الحديث عن الأستاذ الدكتور يحيى عطيف حديث عن مجموعة من القيم والمثل العليا التي كان فارسها علماً وتعاملاً طيلة حياته التي قضاها في خدمة العلم الذي عشقه وأخلص له وحرص على نشره، والحديث عنه عبر مختلف وسائل الإعلام؛ إيماناً منه أن خدمة اللغة العربية خدمة للأجيال التعليمية بمختلف المراحل وهو ما أكده بمؤلفاته وبحوثه وإشرافه على مختلف الرسائل العلمية.
وبرحيله فقدنا واحداً من كبار أساتذة البلاغة والنقد الذين كانوا في قمة العطاء والإنتاج العلمي ولا نملك إلا أن نقول رحم الله الفقيد بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته .
... ... ...
يحيى بن محمد عطيف - مدير إدارة الإعلام والاتصال والمتحدث الرسمي لتعليم جازان
* * *
في تأبين الصفاء والنقاء
وددت لو أكتب هذا التأبين بقلم من ذهب، مداده من فُلِّ جازان، أنقشه على صخرة في جبل «أبو خيال» في البهية الملهمة (أبها)؛ لأن المخاطب بعد فقدي لأستاذي (يحيى) سيكون الزمن، والزمن لا يستمع إلينا، ولا يبقي من الكتابة وأدواتها على أثر إلا ما يعطينا هو من الطبيعة لنكتب به، أو نكتب عليه.
علاقتي بالفقيد علاقة طالب بأستاذ في المرحلة الجامعية ، فمهما تطارحنا من المسائل بعد ذلك ظلت بصماته المعرفية فينا في العلم قوية لم يمحها الزمن، وكانت أساساً متيناً لما تلقينا في الأدب والبلاغة والنقد بعد ذلك، وذلك يرجع في رأيي إلى أسباب منها على سبيل المثال فحسب:
السبب الأول: كان فقيدنا يحب البلاغة العربية حباً جماً، وكان يربطنا بالنظم القرآني في كل شيء، و تحس أنه يلقي لك موهبته وحبه في المحاضرات، حتى أصبح الأستاذ يحيى عطيف والبلاغة في الذاكرة صنوين لا يفترقان.
السبب الثاني: اعتماده على المصادر الأصيلة عند البلاغيين.
السبب الثالث: سعة الصدر على المتعلمين والصبر على تكرارات العلم، وكأنه أخذ برأي العلامة عبد الرحمن بن خلدون في كتاب المقدمة، في تكرارات التعلم والتعليم. إذ لا مانع في أي وقت أن يعيد أستاذنا ويناقش بنفس هادئة، وهذا التهذيب من صفات العلماء، ومن صفاته النفسية الشخصية هو ، ومن بركات الالتصاق سنوات طويلة ببلاغة القرآن الكريم وهديه.
... ... ...
د. عبد الله بن محمد القرني - مدير مركز دراسات اللغة العربية وآدابها جامعة الإمام
* * *
ماذا أقول؟!
تلوح في ذاكرتي أيام مضت جمعتني بهذا الرجل العظيم في خلقه وعلمه، تعود إلى عشرة أعوام منذ كنت طالبة في مرحلة الماجستير، كان الراحل أحد شيوخي الأفاضل، شرفت بأن تتلمذت على يديه أخاً مشفقاً وأستاذاً عالماً.. كان هيناً ليناً سهلاً قريباً من طلابه صاحب خلق رفيع وتواضع جم..
رجل له مواقف نبيلة مع طلابه وطالباته في تقدير ظروف المتعثرين وتشجيع المتميزين.. أما عن مناقشاته فلا شهادة أرفع للإنسان من حسن خلقه وسماحة نفسه، وأشهد الله إنه كان نعم الموجه جمّل الحياء أخلاقه وهذّب الأدب لسانه..
... ... ...
- سعاد القحطاني
* * *
الأثر الخالد
يحضر الدكتور يحيى عطيف - رحمه الله - في ذاكرتي من خلال ما قدمه لي ولكافة الطلاب والطالبات الذين تتلمذوا على يده في رحلاتهم التعليمية المختلفة، ولحسن الحظ أنني شرفت بدراستي على يديه في مرحلتي الماجستير والدكتوراه، وكان من الأساتذة الأفاضل المؤمنين برسالته التعليمية وعطائه العلمي في البلاغة العربية والبلاغة القرآنية على وجه الخصوص؛ حيث أعطى كل ما لديه بلا حدود ودن كلل أو ملل .
لقد غيب الموت أستاذنا ومعلمنا الغالي الذي كان مثالاً ونبراساً في العلم، ودماثة الخلق، والتواضع ،مما زاده احتراماً وتقديراً في قلوب تلاميذه ومحبيه وكل من عرفه والتقى به، ولكنه سيبقى في قلوبنا ما بقينا على قيد الحياة وسيظل بأعماله ومآثره وسيرته قدوة لنا.
... ... ...
ريم علي آل مداوي - (باحثة دكتوراه)
* * *
ما ماتت مكارمه
عندما تتحدث عن أحد أساتذتك وأخيك الأكبر والإنسانية التي تدثر بها فهو أمر ليس من السهل أن تقتنع بالكلمات التي قد تفزع لك.
عرفت الدكتور يحيى عطيف منذ أيام الجامعة، كان كعادته ومن يومها إلى آخر لحظة رأيته فيها لم يتغير أبداً.. جمّ الخلق، رفيع التواضع، محباً للهدوء والبعد عن النقاشات العقيمة ومستدركاً لزلات غيره ومعاتباً لمحبيه.
وفي مجتمعنا القروي كان الدكتور يحيى نموذجاً للأخ والصديق الداعم والمستشار في كل المحافل التي كان من أول الأسماء التي تُدعى لتنثر جميل القول وحُسن المشورة.
ليس من السهل أبداً أن تحقق محبة الناس ولكن أن تقترب منها وهو أمر يستلزم القرب والتواصل المستمر، غير أن الدكتور يحيى حقق المعادلة من وجه آخر فقد ملأ القلب، ونقش جميل الذكرى، رغم ميله للعزلة الإيجابية التي لا تقطع صلة، ولا تنسى واجباً.
غادرنا الدكتور يحيى دون استئذان كشأن كل الراحلين، لكن الناس شهداء الله في الأرض، وهذا رجل ترك ما يجسده قول الشاعر « قد مات قوم وما ماتت مكارمهم...» فالله نستودعه والله نرجو أن يكتب له الفردوس الأعلى من الجنة.
... ... ...
محمد يحيى عطيف - مساعد رئيس التحرير بصحيفة سبق - مشرف إعلام بالإدارة العامة للإعلام والاتصال بوزارة التعليم
* * *
وقار العلماء
لا يختلف اثنان على أن «الوقار» و«السمت» و«الرزانة الشخصية والعلمية» صفات ملازمة لأستاذنا المرحوم الأستاذ الدكتور يحيى بن محمد عطيف.
بدأت رحلتنا العلمية في الجامعة (الدفعة التي تخرجت لدرجة البكالوريوس مطلع عام 1421هـ) معه في مقرّر النصوص الأدبية الذي يقدّم لطلاب المستوى الثاني في قسم اللغة العربية حينها، وما زلت أتذكر إبحاره في قراءة إعجاز سورة «القلم» التي كانت تشكِّل جزءًا من مفردات ذلك المقرّر.
وبعدها صحبَنا الدكتور عطيف في مقرّر البلاغة العربية وفي علم المعاني على نحو خاص في المستويات الدراسية الأربعة الأخيرة؛ لنفيد منه -رحمه الله - أعظم فائدة، كيف لا وهو الذي يخجلك بوقاره واحترامه للعلم عن أن تركن إلى الإهمال أو ترضى بأنصاف الحلول.
عرفت الدكتور «عطيف» - رحمه الله - طالبًا عنده في مرحلة البكالوريوس، ثم زميلا تلميذًا له في قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة الملك خالد حتى وفاته -رحمه الله - وعرفت فيه أعمق معاني «الوقار» و«الجدية» و«احترام الآخرين» و«تقدير العلم والعلماء»، عليه شآبيب الرحمة والغفران.
... ... ...
د. مفلح القحطاني - المتحدث باسم الجامعة
* * *
حياةٌ عريضة للأستاذ الدكتور يحيى بن محمد عطيف
د. يحيى بن محمد بن إبراهيم عطيف من مواليد عام ( 1375 هـ) في قرية الحصامة بمحافظة أحد المسارحة بمنطقة جازان، توفي رحمه الله يوم الخميس الموافق 1442/1/1هـ بمدينة أبها.
تخرج في كلية اللغة العربية والعلوم الاجتماعية والإدارية بأبها - فرع جامعة الإمام (1401هـ) وعين فور تخرجه معيداً بالكلية نفسها، واصل دراسته العليا في كلية اللغة العربية بالرياض فنال درجة الماجستير في البلاغة والنقد عام ( 1407هـ )، ونال درجة الدكتوراه في البلاغة والنقد عام ( 1417هـ ).
عمل أستاذاً في كلية العلوم الإنسانية - قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة الملك خالد.
مجالات الاهتمام:
الاهتمام بمجالات اللغة العربية وآدابها بعامة والبلاغة والإعجاز البلاغي بخاصة، وبتجديد البحث وتوثيق الصلة بين التراث البلاغي والنقدي وبين الدراسات النقدية الحديثة والمعاصرة بما يسهم في الذود عن تراثنا البلاغي والنقدي وإضاءته.
البحوث والكتب:
- الإعجاز البلاغي في قصة نوح عليه السلام في القرآن الكريم. نادي أبها الأدبي, ط/1, 1426هـ.
- من بلاغة الدعاء في القرآن الكريم. مكتبة الرشد, ط/1 ,1426هـ.
- من أسرار النظم في سورة النبأ. مكتبة الرشد. ط/1 , 1430هـ.
- محاولات التجديد في البلاغة العربية عند المعاصرين -دراسة تحليلية نقدية. نادي أبها الأدبي, ط/1 , 1431هـ.
- البلاغة والنقد في خزانة الأدب - دراسة وتقويم -رسالة الماجستير.
- الصورة التشبيهية بين البلاغة والنقد الحديث, مجلة كلية اللغة العربية بالمنصورة - جامعة الأزهر, ع23, 1425هـ -2004م.
- ابن حجة الحموي: حياته ومؤلفاته. مجلة المنهل.
- الحياة العقلية في العصر المملوكي. مجلة المنهل.
- الأسس التي قامت عليها الوحدة في المملكة العربية السعودية. مجلة المنهل.
- صلة البديعيات بالمدائح النبوية. مجلة المنهل.
- في الموازنة بين البديعيات المبكرة. مجلة المنهل.
- البلاغة مفهومها وأهدافها. مجلة بيادر.
- قراءة نقدية متذوقة لنصوص شعرية وقصصية. مجلة بيادر.
- نقد المعاصرين التقسيم الثلاثي للبلاغة في منهج المتأخرين. مجلة جامعة الملك خالد ج9,ع17, 1432هـ.
- وحدة السورة القرآنية عند علماء الإعجاز, 1434هـ.
- قيمة الصورة الاستعارية في التراث البلاغي والنقدي, 1433هـ.
- قيمة الصورة الاستعارية في النقد الحديث, 1433هـ.
- من مظاهر وحدة السياق في سورة الحجر, 1434هـ.
الرسائل التي أشرف عليها:
1 - متشابه اللفظ القرآني في روح المعاني للألوسي دراسة بلاغية مقارنة. (دكتوراه)
2 - الإعجاز البلاغي في قصة شعيب - عليه السلام - في القرآن الكريم (ماجستير)
3 - أثر العادات في بناء الصورة التشبيهية في الشعر الجاهلي. (ماجستير)
4 - المتشابه اللفظي في الدراسات القرآنية المعاصرة -دراسة تحليلية نقدية - . (دكتوراه)
5 - تجديد الإلف في صور معاني عيون النساء بين امرئ القيس ونزار قباني دراسة بلاغية في ضوء التناسب. (ماجستير)
6 - أحاديث الدعاء في صحيح البخاري - دراسة بلاغية. (ماجستير)
7 - البلاغة النبوية في دراسات البلاغيين حتى منتصف القرن الثامن الهجري. (ماجستير)
8 - وحدة السياق في سورة الإسراء- دراسة بلاغية (ماجستير)
9 - التناسب البلاغي في سورة ص. دراسة بلاغية (ماجستير)
10 - أثر العادات في بناء الصورة التشبيهية في الشعر الجاهلي. (ماجستير)
11 - تجديد الإلف في صور معاني عيون النساء بين امرئ القيس ونزار قباني دراسة بلاغية في ضوء التناسب. (ماجستير)
12 - بلاغة الحجاج في الخطاب التشريعي - أحكام الأسرة في القرآن الكريم نموذجاً. (ماجستير)
13 - ملامح من الإعجاز البلاغي في قصة هود عليه السلام في القرآن الكريم. (ماجستير)
14 - المتشابه اللفظي في الدراسات القرآنية المعاصرة - دراسة تحليلية نقدية. (دكتوراه)
بعض الرسائل التي شارك في مناقشتها:
1 - اتجاهات البحث البلاغي في رسائل الماجستير والدكتوراه بين جامعتي أم القرى والملك سعود- دراسة تحليلية. (دكتوراه)
2 - بلاغة الحجاج في خطب عبدالرحمن السديس. (ماجستير)
3- التناسب في سورة «ق» دراسة بلاغية. (ماجستير)
4 - خطاب الوعظ في كتاب أدب الدين والدنيا للماوردي- دراسة تداولية. (ماجستير)
5 - الرسائل النبوية دراسة بلاغية أسلوبية. (ماجستير)