أحمد المغلوث
لا أحد ينكر في العالم أهمية العمالة الوافدة لكل وطن يعيش التنمية في مختلف المجالات. لقد طالعتنا الأخبار العالمية المصورة عن خسارة العديد من الدول الأوروبية في مجالات عديدة من ضمن تداعيات «جائحة كورونا» الأمر الذي تسبب في توقف أنشطة مختلفة تجارية واقتصادية وزراعية في هذه الدول، وذلك لعدم وجود العمالة التي تقوم بإدارة هذه الأنشطة خاصة وأن بعض الدول لا توجد لديها عمالة دائمة لتقوم بتنفيذ ما تتطلبه هذه الأنشطة من أعمال خاصة في مجال جمع «حصاد» المحاصيل الزراعية» فهي تعتمد على العمالة الموسمية التي يتم الاتفاق معها مسبقا ولفترة خاصة بموسم الحصاد.. لذلك تشهد المناطق الزراعية الفرنسية مثلا وغيرها من المناطق في دول أوروبا حركة ضخمة للعمال الموسميين القادمين من أوروبا الشرقية وشمال إفريقيا. ففي كل ربيع وصيف، كان مئات الآلاف من الأشخاص يعبرون الحدود الدولية لجني المحاصيل، ويلعبون دوراً حيوياً في توفير السلة الغذائية. ولا شك ان هؤلاء يشكلون أهمية للقارة الأوروبية ويلعبون دوراً حيوياً في السلسلة الغذائية للقارة.
والمعروف أن المزارع في بعض دول العالم تعاني من نقص حاد في العمالة خاصة بعد «جائحة كورونا» الأمر الذي تسبب في تلف وتعفن المحاصيل الزراعية لعدم وجود من يقوم بقطفها وحصادها وجمعها كالفواكه والخضراوات وحتى القمح والذرة. في أمريكا نقلت لنا إحدى المحطات الإخبارية العالمية مشهدا محزنا لصاحب مشروع كبير للخضار يقوم ومن خلال آليات الحراثة بهرس محصوله.
وعلامات الحزن بادية على ملامحه.. كذلك شاهدنا مزارعين في إحدى الدول يقوم بدفن أطنان من الخيار لعدم وجود من يشتريها. كما شاهدنا في الأخبار أيضا مئات الآلاف من الليترات من الحليب الذي تم سكبه في «المجاري» -أعزكم الله-. ومع اهتمام ومتابعة قيادتنا الحكيمة بتنفيذ إجراءات وقرارات احترازية لوقف انتشار «جائحة كورونا» لم تتردد ان تعلن عن استعدادها بعلاج كل مواطن ومقيم وحتى مخالف لنظام الإقامة. الأمر الذي شجع المخالفين وما أكثرهم بمراجعة المستشفيات والمراكز الصحية إضافة إلى ما تم اكتشافه خلال جولات على مجمعات إسكان العمالة التابعة للمؤسسات، والشركات، والعشوائيات بالمناطق والمحافظات الأمر الذي جعل ذلك يضعنا أمام حقيقة مؤسفة ألا وهي ان العمالة «المتخلفة» تشكل كارثة بل آفة خطيرة تؤدي إلى انتشار العديد من الجرائم المختلفة التي تتنافى مع القيم والعادات والتقاليد في وطننا الذي فتح أبوابه بصورة واسعة ولقد استغل بعض من ضعاف النفوس لا في بلادنا فحسب وإنما حتى في دول الخليج وذلك باعتراف سعادة رئيس مجلس الأمة الكويتي الأستاذ مرزوق الغانم مؤخرا.. الذي أشار بوضوح إلى وجود ظاهرة تجارة التأشيرات في بلاده.. وما قاله سعادته ينسحب على بعض الدول الخليجية التي باتت تعاني من ظاهرة تواجد مئات الآلاف من العمالة التي تمتهن أي شيء في سبيل الحصول على المال.. ومن هنا نجد أن وجود عمالة سائبة تركها تجار التأشيرات في هذه الدولة وتلك لأمر سيئ بل خطير لكونه يساهم في الانتشار المذهل لكورونا كما حدث ومازال يحدث في خليجنا الحبيب.. وإدراكا لهذه الحقيقة المرة فإن علينا جميعا في الخليج أن نحد من هذه الظاهرة «العدو» المشترك الذي يسمى تجارة «التأشيرات» وهذا بحد ذاته يعتبر واجبا على كل مواطن خليجي مخلص يحب وطنه وأمته. نظراً لأن وجود عمالة أو جالية أعدادها في مكان يفوق أعداد المواطنين فهو يشكل قنبلة موقوتة. وكارثة قادرة على التدمير. فهل نفعل..؟!