أحمد المغلوث
كلٌّ منا في هذا العالم الواسع بات يشاهد في كل مكان، وفي نفس اللحظة، ما يُستجد من أحداث وأخبار عن كورونا؛ فالعالم بات عالمًا مختلفًا بعد «جائحته التي كشفته وعرّته (وبان للناس ظنًّا روحه وتعذيبه)، مع الاعتذار للشاعر الكبير «أحمد رامي»؛ فمقولته - والحق يقال - تعبِّر ليس عن حالة خاصة أو شخصية إنسانية فحسب، وإنما تعبِّر عما شعرت به عشرات الشعوب المغلوبة على أمرها، التي تجسد ما يريد أن يقوله لسان حال كل دولة في عالمنا هذه الأيام وهي تعيش ما تسببت به «الجائحة» من متاعب وتداعيات، بل ضحايا وفَقْد الملايين أعمالهم؛ إذ كشفت المستور الذي كانت تخفيه أوراق «السلوفان»؛ وبالتالي اتضح للجميع الصورة الواضحة والمباشرة التي تنقلها قنوات البث المباشر لحظة بلحظة، وبدون «احم أو دستور».. هكذا، وخلال أسابيع قليلة، تداعت تلك الصروح، وانهارت قدرات أنظمة، كان الواحد منا يعتبرها عظيمة وقمة في المثالية والإنسانية، فإذا هي أشبه ما تكون بخيال «المآتة»؛ فانهارت قدراتها وإمكاناتها الطبية، وباتت تمد يدها بصورة سرية لمن كانت تنظر إليه فيما مضى من زمن شزرًا ومكابرة. أما اليوم فإذا هي «تنخ» أمامه بل، وبدون حياء، تطلب منه المعونة والمساعدة.. والمحزن أن هذه الدول تُعتبر من خلال جامعاتها ومراكزها العلمية، التي كان العالم يعتقد أنها متقدمة وجاهزة في أية لحظة؛ فينظر إليها بتقدير واعتبار كبيرَيْن، دولاً عالمية ومرجعية، يُعتمد عليها في مجالات العلوم والدراسات، ولديها مختلف الحلول خلال الأزمات، والمرفأ الحقيقي لمن هو بحاجة للمال والتقنية الطبية والدراسات الجاهزة للعديد من المشاكل والأزمات والأوبئة.. كان الجميع - خاصة الدول متوسطة القدرة والفاعلية - إلى ما قبل «الجائحة» تعتبرها «الاستبنة» الاحتياطية لها ولغيرها.. فما هي إلا رسالة عبر الإيميل أو اتصال هاتفي لتشحن لها ما تريده وما تطلبه، وما قد تحتاج إليه في حالة وجود أضرار أو أوبئة. ولكن - وما أدراك ما لكن هنا - اتضحت الصورة المؤسفة؛ فالعديد من الدول التي كانت يومًا ما «الحلم» والمرفأ باتت عاجزة اليوم أمام «الوباء»، بل اعترفت بأنها لم تتوقع أن يحدث لها ما حدث، وأنها غير قادرة على المواجهة؛ فهزمها هزيمة نكراء.. إضافة إلى ذلك عرَّاها هذا «الكورونا المستجد» بصورة غير متوقعة بعدما تحوَّل لكرة ثلج، تتدحرج من مكان لمكان، وتهزم دولاً في طريقها، وتنشر فيروسها المميت؛ لتتاسى هذه الدول برامجها الوحدوية المشتركة؛ فهي الآن لا تسمع ولا ترى، ولكنها تتكلم بذاتية وأنانية ممجوجة.. وهنا يحق لكل متابع أن يسأل: أين ذهبت تلك الشعارات ذات الموسيقى الصاخبة التي تنادي بالإنسانية والتعاون والاهتمام بالآخر.. بل إن بعض الدول اعترفت بصورة مخزية - وهي دول اقتصادية - بعجزها وعدم قدرتها، في الوقت الذي أشادت فيه الدول والمنظمات والهيئات العالمية نفسها بما قامت به المملكة من إدارتها الناجحة لأزمة كورونا وتداعياتها..
ولم تنسَ المملكة أن تقدم في الوقت نفسه مساعداتها المختلفة للأشقاء في فلسطين واليمن وسكان المخيمات، وقبل هذا دعمت منظمة الصحة العالمية. هكذا هي المملكة، تمد يدها دائمًا وأبدًا للمساعدة بكل رحابة صدر وحب، وذلك بدعم كبير من قيادتها الإنسانية.