د. محمد عبدالله العوين
هدد زعيم (حزب الله) حسن نصر الله بالنزول بقواته إلى الشارع، وقال إنه يرجو ألاَّ يضطر إلى النزول إلى الميادين؛ لأنه إن نزل لن يخرج منها إلا بعد تغيير كبير في البنية السياسية يعيد رسم لبنان بصورة جديدة!
والصورة التي يومئ لها هي استيلاؤه بشكل مطلق على الحكم؛ ليكون هو رئيس الجمهورية والمرشد العام (ولاية الفقيه) وقائد الجيش، ويتولى حزبه وزارة الدفاع ليكون حقيقة معلنة بعد أن كان قبل نزول الحزب إلى الشارع حقيقة مخفية.
والوصول إلى هذه النتائج المأساوية ليس سهلاً على الإطلاق؛ فلن يستسلم اللبنانيون لحزب الله ولحركة أمل، وقد جربوهما في الفترات السياسية المنصرمة التي توشك أن تنتهي بنجاح انتفاضة الشعب اللبناني بطوائفه كافة من شيعة وسنة ودروز ومارونيين على الوضع المأساوي الذي أدخلهم فيه حزب الله وحركة أمل والتيارات السياسية الأخرى التي تتقاسم معهما السلطة أو تسير في ركابهما رغبًا أو رهبًا.
يمسك الحزب المعمم بمفاصل الحكم عن طريق التهديد بالاغتيال والتصفية كما هي جرائمه التي اقترفها بمعاونة الوجود السوري قبل عام 1914م وتواطؤ ودعم في السر من حركة أمل، فتم اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري بسيارة مفخخة 14 فبراير 2005م، ووصل عدد من استهدفهم الحزب بالاغتيال ثلاثًا وسبعين شخصية من أبرز ساسة وقادة وعلماء ومفكري ومثقفي لبنان.
وإن لم تتم تصفية من يعترض على سياسات الحزب فإنه يضيق عليهم في عيشهم، ويُمنعون من الوصول إلى مراكز التأثير، وقد يزج بهم في السجون ويظلون قابعين أشهرًا أو سنوات إلى أن يغيروا خطابهم من قادحين إلى مادحين ومن معارضين إلى مؤيدين.
يجب أن يؤخذ تهديد الإرهابي حسن نصر الله مأخذ الجد، وأن يتخذ الجيش الوطني اللبناني أهبته لمواجهة هذا الخطر في أية لحظة يرى فيها زعيمه الخائن أن مقود دفة قيادة لبنان سيفرط من يديه وسيتولاه وطنيون لبنانيون يرفضون الولاءات الطائفية والسياسية خارج لبنان، بما فيها إيران وولاية فقيهها الضال.
لقد أعطى اللبنانيين تجربة مريرة سابقة تؤكد أن التهديد الذي أطلقه قبل أيام قد يتكرر مرة أخرى، فلا ينسى اللبنانيون ما عرف بـ(غزوة بيروت) في 7 مايو 2008م حيث سيطرت قوات حزب الله المسلحة على العاصمة لمدة ثلاثة أيام لإرغام حكومة فؤاد السنيورة على الاستقالة.
وحال حزب الله دون انتخاب رئيس جديد بعد انتهاء ولاية ميشيل سليمان في 24 مايو 2014م وظل لبنان في حالة فراغ رئاسي لمدة سنتين ونصف السنة حتى 31 تشرين أول 2016م.
إن على قائد الجيش اللبناني مهمة وطنية جسيمة في هذه المرحلة الصعبة التي يمر بها لبنان؛ عليه أن يحمي شعبه، وأن يحقق مطالبه، وأهمها التخلص من الطائفية، وحل حزب الله العسكري وتسليم سلاحه إلى الجيش ودخول حزب الله ضمن المكونات السياسية المدنية.
لا عودة للسلام والأمن والنهضة والانتعاش الاقتصادي إلا بإعادة تكوين حزب الله على أساس مدني ولاؤه للبنان فقط.