د. محمد عبدالله العوين
يتذكر الدكتور محمد المفرح في سياق سرد سيرته الذاتية الممزوجة بعمق مع سيرة مجتمعه مواقف طريفة في كل محطة من محطات حياته في الزلفي والرياض وبرلين وغيرها.
يتحدث عن (النواب) جمع نائب؛ أي (المطوع) الذي كان يجوب الشوارع التجارية حينما يؤذن للصلاة؛ فصادف أن أمر أحد الباعة باسمه الذي التقطه حينما سمع زملاءه ينادونه: صل الله يهديك يا جورج!
وفي مدينة هايدلبرغ الألمانية التقى بجمع من الطلبة السعوديين المبتعثين، وحصل موقف طريف؛ قام أحدهم ليتوضأ، وعند غسل الرجلين ما كان منه إلا أن رفع رجله على الحوض، وكان على خفة دمه ثقيل الوزن، فانكسر الحوض، وطفحت الغرفة بالمياه، فجن جنون صاحب البيت، وطلب منه الرحيل على الفور!
أحدهم قرأ التعليمات التي وزعتها الملحقية ذات الترجمة الحرفية الخاطئة، فما كان منه عند رغبته في النوم إلا أن فتح كساء غطاء السرير الذي كان مليئاً بالريش الناعم الجميل ثم أدخل نفسه في الغطاء، حسب الترجمة الحرفية غير الموفقة التي تقول: (أدخل نفسك في السرير.. أو إذا دخلت في السرير) نام صاحبنا هادئ البال قرير العين، وفي الصباح سقطت ربة البيت مغشياً عليها من هذا المنظر العجيب، حيث رأت صاحبنا وقد غاص في الريش، ورأت الغرفة مفروشة تماماً بالريش المنفوش!
ومن ذلك أيضاً أن مجموعة من الشباب يمشون تحت أحد الجسور التي تمر فوقها عربات القطار (التراموي) العاملة بالكهرباء، المعلّقة أسلاكه فوقها، وكلما مرت أحدثت صوتاً يشبه صوت الرعد، وأحدث احتكاكها بالكهرباء التماساً كهربائياً يشبه البرق، فيصيح أحدهم قائلاً: سبحان من سبح الرعد بحمده. ثم يتعجب من هذا الرعد والبرق المتكرر، من دون أن يرفع رأسه ليرى العربات تمرق بين الجسور!
ويذكر الكاتب أنه حين كان ساكناً عند أسرة ألمانية لتعلّم اللغة ويشاركهم في الأكل كان يملأ صحنه، ثم يأكل منه ولا يأكل كل ما وضعه في الصحن؛ فتسأله ربة البيت: هل طبخي غير جيد؟ إنه لا يوجد به لحم خنزير! فيجيبها: والله إن طبخك جيد، ولكني شبعت! بعد أن تكرر ذلك مرات صرخت في وجهه: إنك تهدر الأكل، وتخسرنا، وتحرجنا، إما أن تأكل صحنك كاملاً، أو خذ ما يكفيك فقط!
وذكر الكاتب د. المفرح موقفاً طريفاً لمرافق مريض في برلين نزل من غرفته في الفندق إلى البهو ببجامته حين علم بوجوده، فأصيب بالحرج حين رأى نظرات موظفي الاستقبال المستنكرة المتعجبة؛ لأن من الإتيكيت ألا ينزل الساكن إلى البهو بلباس النوم.
الحق أن هذه السيرة اللطيفة جمعت بين التأريخ للعادات الاجتماعية وتطور المنشآت الطبية وتجربة الابتعاث ومعاناة الطالب في الغربة، ثم العمل في مستشفى الشميسي، ثم عيادته الخاصة.