د. محمد عبدالله العوين
من البشائر المبكرة في الأيام الأولى من تطبيق ضريبة التدخين بنسبة 100 % على فاتورة المقاهي والمطاعم التي تقدم منتجات التبغ؛ كالشيشة والسجائر أنها شبه خالية من روادها المعتادين الذين كانوا يملؤون مقاعدها قبل تطبيق الضريبة.
وقد تناقلت وسائط التواصل مقاطع فيديو لمطاعم ومقاه كبيرة خاوية على عروشها.
لا شك أن الزبون المدخن الحريص على ماله قبل صحته التي فرَّط فيها لن يقدم على الدخول إلى المقهى وهو يقرأ لافتة كبيرة فرضت وضعها الأمانات والبلديات أمام البوابة مكتوب عليها بخط كبير: نسبة الضريبة على التبغ 100 %!
فإذا افترضنا أن طلبات أحد الزبائن بما فيها الأكل والشرب والشيشة وصلت إلى 200 ريال؛ فإنه سيضاف عليها 100 ريال أخرى مع ضريبة 5 % لتصبح الفاتورة 310 ريالات!
لقد حققت الضريبة المطلوب ووصلت إلى الهدف البعيد الذي يرمي إلى أن يتخلّى أصحاب المطاعم والمقاهي عن تقديم مشتقات التبغ بعد أن انصرف زبائنهم المدخنون عنهم بسبب الضريبة الباهظة.
إن الضريبة هنا عادلة كل العدل، وليت أن مقدارها أعلى بكثير لتصل إلى 150 أو 200 % لمزيد من التنفير من التدخين.
هذا عدل وأيما عدل تغيا صحة المواطن وصحة البيئة ونظافتها وتزهيد المتكسبين من التجار في مكاسبها حين تعود عليهم خسائر وأعباء مالية ضخمة وبوار مبيعات وخلو محلات وهروب زبائن.
لقد أشاع (بعض) أصحاب المطاعم والمقاهي أن الضريبة مطلوبة من الجميع؛ مدخنين وغير مدخنين، وتناقلت رسائل الواتس صوراً لفواتير خالية من طلبات مشتقات التبغ وقد فرضت عليها الضريبة؛ محتجين بأن الضريبة مفروضة على جميع طلبات المطعم أو المقهى! وهذا خطأ كبير ومخالف نظام وزارة البلديات الذي فصَّل متى تُؤخذ الضريبة ومتى لا تُؤخذ، وبيَّن أنها مطلوبة فقط حين تتضمن أياً من مشتقات التبغ.
والتبس على كثيرين - وأنا واحد منهم - هذا الأمر؛ بسبب ما إشاعه بعض أصحاب المطاعم والمقاهي؛ رغبة في استغلال الضريبة، وكتبت تغريدة من واقع هذا المفهوم الخاطئ، وقد حذفتها مع الاعتذار فور اطلاعي على مزيد من شروحات النظام وتعليق بالفيديو يشرح أدق تفاصيل الفاتورتين لمدخن وغير مدخن.
إنني أدعو إلى زيادة الضريبة على المدخن والمقهى الذي يقدِّم مشتقات التبغ، وكنت أتمنى ألا يسمح بالتدخين على الإطلاق في المطاعم والمقاهي، وهو لوم يوجه إلى مجلس الشورى الموقّر الذي ناقش قضية السماح بالتدخين في المطاعم والمقاهي وأقرّها في رمضان العام الماضي بشروط تحتاج إلى متابعة دقيقة وغرامات على من لم يلتزم بتطبيقها.
وقد تبينت ثمرات ضريبة التدخين سريعاً؛ فخلت مقاهٍ عدة تقدم المعسل من روادها، ولم ير إلا العاملون فيها، بل إن بعض مقاهي التدخين وضعت لوحة كبيرة تقول: نحن لا نقدِّم التبغ!
ما أتمناه أن تفلس أماكن تقديم التبغ ومشتقاته بعد خلوها من الزبائن، وتتوب عن خطيئتها وتعلن أنها فعلاً لن تقدّم التبغ ليعود إليها زبائنها من جديد.