عثمان بن حمد أباالخيل
القلم والفكر توأمان يعشقان بعضهما بعضا ويعيشان حالة من الانسجام، القلم والفكر يعيشان حالة من الفكر المتجدد، وعندما يبحر الفكر يترجم نبضات العقل وينطلق القلم بالكتابة لتصل إلى كل من يبحث عن المعرفة، واليوم أصبح القلم في أحيان كثيرة لوحة المفاتيح في الحاسوب. من يملك الفكر الذي يتجلى في إعمال العقل في أمر ما للوصول إلى معرفة وإيصالها بشكلها الصحيح والواضح. أما التفكير تتلخص في إمكانات العقل ومخزونه من التجارب والمواقف وترجمتها إلى واقع. في تاريخنا الإسلامي السيف هو رمز القوة والرجولة أقتبس هذا البيت لأبي تمام الطائي:
السيفُ أصدق إنباءٍ من الكتبِ
في حدّه الحد بين الجدِ واللعبِ
إذا كان السيف رمز القوة، فالقلم رمز الفكر والمعرفة وهما رمزان للقوة والحب.
القلم سمِّي قَلماً، لأنَّه يُقْلَم منه كما يُقْلمُ الظُّفر، والحياة بكل ألوانها تتزين بالقلم فهو صديق الكاتب والروائي والخطاط والرسام والشاعر والقاص والمبدعين والمبدعات فهو أجمل وسيلة للتواصل بين البشر، هناك من يُسيء للقلم فيحرفه عن مساره الصحيح فيقع في دوامة تأنيب الضمير، لكن الشهرة السلبية تجعل من بعض الروائيين والقاصين يسلكون هذا المسار الوعر الذي يوصل إلى المعاناة حين يكتبون عن التابو المحرم السياسة والدين والجنس، والكلمة الطيبة كالشجرة الطيبة، كما أن الكلمة الخبيثة كالشجرة الخبيثة، جعلنا الله ممن يقطف ثمار الشجرة الطيبة.
القلم هو العقل هو الفكر. القلم من يحرك كل الأحاسيس الإبداعية في الإنسان، صحيح أن القلم جماد لكن حين يسطر لنا ويرسم المشاعر والأحاسيس الجياشة والعواطف المتدفقة كالنهر. هناك الكثير من الناس الذين يجيدون الكتابة للتعبير عمّا يدور في أعماق ذواتهم. وإذا كان اللسان قلم القلب، فالعقل هو المحرك للقلب، والقلم هو من يُسطر أجمل الذكريات، ويكتب التاريخ وهو اللسان الصامت الذي لا يمُل من الكتابة. والقلم أول مخلوق ليكتب به القدر؛ كما قال النبي- صلى الله عليه وسلم: (إن أول ما خلق الله القلم فقال له اكتب قال رب وماذا أكتب؟ قال اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة) رواه أبو داود. وبالقلم تكتب مقادير العام في ليلة القدر {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ}.
علينا أنْ نروّض القلم ونكبح جماحه فهو كالخيل البرية، وعلينا كذلك أن نُفكر ونفكر كثيرً حين نكتب في وسائل التواصل الاجتماعي شخصيا اسمها التباعد الاجتماعي. بالرغم من وسائل التواصل الاجتماعي لها فوائد كثيرة في حياتنا إلا إن هناك أصحاب القلوب القاسية والمريضة الذين يسيئون لغيرهم دون مراعاة للقيم الإسلامية والاجتماعية.
وفي الختام القلم رسول ضمائرنا ومترجم لعقولنا وناقل لعواطفنا وأحاسيسنا، فلا تجعلوه يتخطى ويحرق كل جميل في حياتنا الاجتماعية، أقتبس من أقوال عبد الله الغذامي، فهو أكاديمي وناقد أدبي وثقافي: (الكتابة: ماء يجري على نهر القلم ويتدفق على لسان الكاتب قادماً من سحب اللغة ومزنها الدفاقة).