عثمان بن حمد أباالخيل
الثقة والعلاقة مع الآخر وجهان لعملة واحدة لا يمكن أن يوجد أحدهما دون الآخر فإذا انعدمت الثقة وحل مكانها الشك انهارت العلاقة. إنّ عدد أحرف كلمة الثقة قليلة لكنها كبيرة وتحمل دلالات كثيرة وهي سر متانة الثقة بالآخرين، وقبل هذا ثقة الإنسان بنفسه فإذا لم يثق بها فكيف يثق بالآخرين ومعرفة ذاته حق المعرفة والتصالح معها. إنّ طعم الثقة لذيذ حين يتغلل إلى داخل الإنسان فهو يشعر بالارتياح والرضا والمحبة والتقدير وهي من أهم الصفات التي تميز الإنسان عن غيره والعلاقات لا تبنى إلا بالثقة، وتعتبر الثقة تربية النفس على الظن الحسن وعدم التسرع في العلاقة وعدم الشك بنوايا وأخلاق الشخص الآخر وإلا كما ذكرت تنهار العلاقة وإن بقيت أطلالاً.
الإفراط في الثقة مشكلة يعاني منها الكثير والتلاعب بمشاعر الآخر المبنية على الثقة أمر غير محبب ويؤدي إلى نهاية غير متوقعة ومن المفترض على الإنسان ألا يهب الثقة إلا لمن يستحقها وهو يعرف بقرارة نفسه من يستحقها لكن هناك من يجامل على حساب نفسه فهناك أشخاص نقابلهم في حياتنا ونتعامل معهم فهم مختلفين بطبائعهم فمنهم السلبي ومنهم اللئيم ومنهم العظامي ومنهم من لا يراك كُفؤا في حياته.
من أسباب عدم الثقة بالآخر الكذب وهو داء يحتاج إلى وقت طويل للشفاء منه وتجارب ومواقف غير ناجحة وردود فعل سلبية. والعنوان الكبير للثقة بين الناس الثقة بين الزوجين فإذا انعدمت الثقة أو دخلت دائرة الشك أصبحت الحياة أرضاً خصبة للمشاكل وانفرط عقد الاحترام وظهرت النرجسية وتضخيم الأنا.
في لحظة من اللحظات عبّرت وكتبت وأسمعت عبارتي (من كذب عليك مرة لا تثق به ألف مرة). رغم قساوتها وعدم التوازن العددي إلا أن الكذب يسمم ويقتل ويدمر ويقتلع شجرة الثقة من جذورها وسيأتي على أوراقها ويبعثرها. هناك الكثير من الناس من يعطون الثقة للآخرين الذين يلذون ويهربون في زحمة الحياة والنتيجة أنّ مُعطي الثقة يندم ولكن بعد فوات الأوان فلا تعطوا الثقة لمن لا يستحقها، والثقة لا تتجزأ. كما أن الشمس لا تشرق في اليوم مرتين فلا تكرر ندمك حين تثق بالآخر مرتين. من الأفضل أن يقال عنك متردد لماذا لا تعطيه الثقة إذا كان ليس أهلا للثقة.
قبل أربعة أو خمسة عقود من الزمن كانت الثقة بين الناس كبيرة، كانت الناس قريبة من بعضها البعض والثقة هي سمة ونهج الناس في ذلك الوقت لم تدخل عليهم وسائل التباعد الاجتماعي بكل أنواعه التي دمرت الثقة وعززت فوضى الحواس والقيم. همسة لأولئك المفرطين بالثقة بالآخرين التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والمهنية تدعوك للتروي والتأكد أن من تعطيه الثقة محل ثقة وهم أقلاء في زمننا الحاضر. أقتبس (أن تكون جديراً بثقة الآخرين خير لك من أن تكون جديراً بحبهم).