عثمان بن حمد أباالخيل
القرار المتأخر في حياتنا على اختلاف مُسمياتها الصحية والتعليمة والنفسية والمالية والإنسانية والاجتماعية يأخذ أشكالاً مخيفة، أحياناً كثيرة قد تؤثر على الإنسان طالما قلبه ينبض بالحياة، أو ربما يوقف نبضات قلبه، كل شيء بيد الله. إشارات اجتماعية وعائلية تتلقاها عقولنا وقلوبنا لكن البعض يتجاهلها ويتركها تذوب لكنها تعود مرة أخرى بشكل مختلف. أجسامنا دائمًا تبلغنا عن مشكلات صحية محتملة وهي في بدايتها، ولكننا عادة لا نولي هذه الإشارات الاهتمام اللازم ونتركها إلى حين أن تصدر أصوتاً عالية مزعجة. هذه الإشارات يتلقاها الدماغ والذي بدوره يرسلها إلى أعضاء الجسم. القلب هو مركز الحياة لكل أعضاء الجسم، لكن كثيراً ما نُهمل ما يخبرنا به ولا ننصت لإشاراته. للأسف هناك إشارات نستمع إليها وننصت ونسرع للتعرف عن مصدرها وإصلاحها، إنها إشارات السيارة الجماد ونهمل إشارات أجسامنا.
هناك من يذرف الدموع حين يقول له الطبيب: تأخرت، المرض الذي أصابك انتشر في كل أجزاء جسمك، مثلاً اختبارات سرطان الدم والاختبارات المعملية الأخرى تساعد الطبيب على تشخيص السرطان، كذلك تعطي الطبيب فكرة عن مدى كفاءة وظائف الأعضاء لديك وما إذا كانت قد تأثرت بالسرطان أم لا. الفحص السنوي بكل أنواعه يعطي مؤشرات لما يحدث داخل أجسامنا. مرة أخرى الكثير من الناس لا يقومون في إجراء هذا الفحص لكنهم يفحصون سيارتهم بشكل دوري، أليس هذا تناقضًا مرده عدم الاهتمام. وفي المقابل هناك بعض الأطباء يخبرون المرضى بمرضهم بصورة جافة مجحفة مباشرة لا يراعون المشاعر الإنسانية، ربما هذا لتعودهم وتعاملهم في هذا المجال، هذا لا يعفيهم من عدم مراعاة حالة المريض النفسية.
هل من الخطأ القول إنه يجب على جميع الفئات العمرية من الجنسين إجراء فحص طبي شامل كل سنة، لماذا نقوم بذلك لسياراتنا ومن يتأخر عن الفحص سوف يدفع المال الكثير حين تكبر المشكلة وتؤثر على بقية أجزاء السيارة. لست مُتشائماً لكنني أسمع بين الحين والآخر من يُقال له: تأخرتِ أو تأخرتْ. كفانا إهمالاً لأجسامنا، كفانا سلوك الإهمال وعلينا سلوك ثقافة الفحص ولا غير الفحص -بإذن الله- يجنبنا سماع كلمة: (تأخرت) أو (تأخرتِ). مثل عربي أعجبني: (العقل السليم في الجسم السليم). عقولنا تصبح سليمة حين تصبح أجسامنا سليمة معافاة.
العلاقة بين كرة الثلج وموشرات أجسامنا علاقة طردية بين متغيرين، كرة الثلج حين تتدحرج تبدأ صغيرة ثم تكبر وتزداد سرعتها، لكنها تنفجر وتتلاشي حين تصطدم بجسم صلب وربما تؤثر على من حولها، ومؤشرات أجسامنا الصحية حين لا نعيرها اهتمامًا تزداد سوءًا، وفي وقت متأخر تجبرنا على مراجعة الطبيب لكِن الوقت متأخر، فلماذا لا نعير أجسامنا العناية حين يضيء المؤشر في أدمغتنا، من المفارقة أننا نركض إلى ميكانيكي السيارات حين تضيء لمبة العطل في السيارة.
في الختام يقول المثل العربي: (درهم وقاية خير من قنطار علاج)، الوقاية لا تقتصر على وقاية الأجسام فقط، تشمل كل جوانب الحياة كاملة كما ذكرت في مقدمة المقال. أقتبس من شيخينا الجليل - رحمه الله - علي الطنطاوي: (إناّ نحسب الغنى بالمال وحده، وما المال وحده؟ ألا تقدرون ثمن الصحة؟ أما للصحة ثمن؟).