د.عبدالعزيز العمر
دعونا نسأل : هل يمكن أن يظهر الفساد في مجال البحث العلمي؟ الإجابة في اعتقادي هي نعم كبيرة. وللفساد في مجال البحث صور وأوجه متعددة، بل إنه يظهر عند مستويات متعددة، بدءا من الباحث نفسه ومرورا بالتحكيم العلمي وأوعية النشر، وانتهاء بصانع القرار نفسه في المؤسسة العلمية البحثية. الصورة المنطقية الذهنية الشائعة عن البحث العلمي هو أنه موضوعي وصارم لا مجال فيه للشخصنة والمجاملة، وأنه ومنضبط بمعايير علمية قاسية، ولكن للاسف ظهر من المؤشرات ما يدل على أن واقع البحث العلمي ليس دائما كذلك. فالبحث العلمي لم يسلم من فيروسات الفساد، ومن أعراض إصابة الباحث بفيروس الفساد ان تجده يتلاعب بالأرقام والبيانات، ويزور النتائج، أو يسرق نتائج بحوث وجهود الباحثين الآخرين البحثية وينسبها لجهده تحقيقا لمصلحة خاصة، أو قد تجد الباحث يرضخ طواعية لضغوط مؤسسات خارجية، ففي مجال الأدوية والتغذية مثلا تبين أن هناك باحثين دخلوا عالم الفساد تحت إغراء شركات الأدوية والأغذية. ولقد وصل الأمر في هذا الشأن أن أقسم أحد الباحثين في مجال التغذية وهو يستعد لتقديم نتائج بحثه للناس أنه لا يملك أي أسهم في أي شركة أدوية أو شركة تغذية. وختاما أشير إلى بعض المواقف المتعلقة بالفساد ذكرها لي أحد الزملاء الباحثين قبل عدة سنوات، يقول هذا الباحث تم تكليفي برئأسة فريق بحثي شكلته إحدى القطاعات الحكومية، وبعد ظهور نتائج البحث حاول المسؤول البحثي في ذلك القطاع إقناعي بعدم الإشارة إلى بعض نتائج البحث التي لم تأت في صالح مؤسسته، كما طلب مني أن أشكر الرجل الأول في مؤسسته وأثني على جهوده في مقدمة البحث، وتابع رئيس ذلك الفريق البحثي قائلا: بعد انتهاء البحث طلب مني المسؤول البحثي أن أضيف اسم باحث لم أكن أعرفه إلى المشاركين معي في عمل البحث، ولكي يبرر طلبه ناولني بحثا لذلك الباحث قائلا لعلكم تستفيدون من بحثه. أما ثالثة الأثافي في عالم فساد البحث فتمثلت في قيام أحد موظفي قطاع حكومي ممن يعملون في إدارة البحث والتطوير في ذلك القطاع ببيع بحوثه الشخصية على جهة عمله. نرجو أن حال البحث العلمي اليوم أفضل.