د.عبدالعزيز العمر
لا أدري لماذا عندما أتأمل في ضعف تنفيذ بعض الأفكار التطويرية التعليمية يخطر ببالي أحيانا رياضة قفز الحواجز. في هذا النوع من الرياضة يجري العداؤون بسرعات كبيرة ليقفزوا من فوق حواجز عالية متتالية. يثيرني في هذه الرياضة مشهد المتسابق وهو يستجمع كل قواه في كل مرة يستعد للقفز فوق الحاجز تلو الحاجز. الطريف في سباق الحواجز هو أن ارتفاع الحواجز المخصصة للنساء أقل من نظيرها عند الرجال، كما أن عدد الحواجز للمرأة أقل من نظيرتها عند الرجل. هذا التمييز بين الرجل والمرأة في الأداء الرياضي لا نجده في الأداء التعليمي، ورغم الماضي التعليمي المخيب الذي واجهته المرأة، إلا أنها اليوم تقف على قدم المساواة مع الرجل عندما يتعلق الأمر بمنح فرص التعليم وتقويم الأداء فيها. تاريخنا التعليمي يقول إن تطوير تعليمنا واجه ظروف ومصاعب جمة منعته ولفترة طويلة من تجاوز تلك الحواجز التي وضعها المستفيدون منها، ولقد استطعنا بفضل الله ثم بدعم وتوجيه القيادة السياسية تجاوز تلك الحواجز التعليمية المفتعلة (حواجز ثقافية- اجتماعية- دينية). وإذا كان النجاح الرياضي للمتسابق يتحدد بقدرته على تجاوز أكبر عدد من (الحواجز) وبأقل الأخطاء، فإن النجاح التعليمي في المقابل يتحدد بقدرة الرجل أو المرأة على تجاوز (نفس المعايير) التعليمية التي يحددها المتخصصون والباحثون في مجال التعليم. وإذا كان النجاح الرياضي في سباق الحواجز يتطلب من المتسابق تجميع قواه والركض بأعلى سرعة ممكنة فإن النجاح التعليمي في المقابل يتطلب من النظام التعليمي أن يستجمع كل قواه ومصادره ليوظفها من أجل مواصلة الركض وتجاوز كل الحواجز الاجتماعية والثقافية. لقد قاتل بعض من أقاموا تلك الحواجز التعليمية كي لا نتجاوزها، والسبب بكل بساطة لأنهم كانوا هم المتضررين من استمرار حركة تطوير تعليمنا.