سلمان بن محمد العُمري
في هذه البلاد العزيزة الغالية المملكة العربية السعودية من الأعمال والمنجزات والمشروعات التنموية والأعمال الإغاثية والإنسانية الشيء الكثير الذي قل أن تجده متزامناً في فترات متتابعة في أي بلد من البلدان مهما كان حجم اقتصادها ومساحتها وتعداد سكانها ودخلها القومي، ولا يمكن أن يتأتى ذلك رغم الظروف الاقتصادية العالمية، إلا أن المملكة تأتي استثناءً بتوفيق الله ثم بحنكة وحكمة القيادة الرشيدة الراشدة التي استطاعت قيادة المركب في أحلك الظروف الاقتصادية والسياسية، بل حتى العسكرية فنحن على جبهة حرب في الحد الجنوبي ولم نتأثر - ولله الحمد - في عطائنا الإنساني وحالنا الاقتصادي وجميع الأمور الحياتية.
ومع المنجزات الضخمة والمشاريع العملاقة والأعمال الإنسانية والإغاثية المتوالية لهذه البلاد الغالية المملكة العربية السعودية إلا أنه ومع الأسف لم يواكب هذا العطاء التوثيق الإعلامي أولاً وللتاريخ، وكذلك إظهار هذه المنجزات والتعريف بها سواء في الداخل أو الخارج، ونحن نرى ومع الأسف أن دولاً تنفق شيئاً يسيراً ثم ما يمضي ساعات قليلة حتى نرى أخبارها لم تغزو القنوات الفضائية والإعلامية فقط بل غزت جميع الهواتف الذكية، وتناقلها الناس عبر وسائل التواصل الاجتماعي في حين أن هذه الأعمال لا تشكّل نسبة 1 % مما تقدمه المملكة من مشروعات ومنجزات ودعم وإغاثة وإنجاد للدول الشقيقة والصديقة.
وأقول -مع الأسف- أيضاً أن بعض المشاهير من المبرزين في وسائل التواصل الاجتماعي، ومن الوجوه الإعلامية أساساً قدّم تعريفاً لمشروع ضخم يهم أكثر من مليار ونصف المليار مسلم وهو ما عجز إعلامنا عن تقديمه لا للعالم الإسلامي ولا لمجتمعنا على الرغم مما ينفق وأنفق عليه من المليارات ألا وهو مشروع المسجد الحرام توسعة وتشغيلاً وصيانة، فقد استطاع أحد الزملاء الإعلاميين النشطين في مجال التواصل الاجتماعي في تقديم تقرير موجز يستحق الإشادة والتعميم والنشر لما فيه من معلومات نفخر بها في بلادنا لما قدم ويقدم من رعاية وعناية للحرمين الشريفين بوجه عام والمسجد الحرام بوجه خاص.
من الأرقام التي ظهرت في التقرير ويجهلها الكثير من قبل على سبيل المثال جهود النظافة الشاملة على مدى 24 ساعة، وتعداد عمال النظافة الذي يتجاوز 1800 عامل، و40 عربة نظافة داخل الحرم، و60 لتنظيف ساحات الحرم، و200 حاوية في داخل الحرم وخارجه، و40.000 سجادة في الحرم وكيف يتم تنظيفها أولاً بأول والعناية بها والآلات المستخدمة لذلك بأحدث الآلات والتقنيات مع التعطير والتعقيم ليس للسجادة فقط بل حتى الهواء داخل أروقة الحرم، ومن المعلومات المقدمة في التقرير الذي لا يتجاوز عشر دقائق تتواصل وتتدفق المعلومات الأخرى فهناك 13.000 دورة مياه داخل الحرم يتم صيانتها وتنظيفها أولاً بأول وجميعها تقع تحت الأرض مما يعني أنها تدار بطريقة غير اعتيادية، ثم توفير مياه زمزم للمصلين والمعتمرين فخلاف الأجهزة الحديثة لاستخراج الماء ونقله، والمصنع الخاص به هناك أكثر من 25000 حافظة لماء زمزم موزعة على أروقة الحرم خلاف البرادات الكهربائية، التي يتم تعبئتها وتنظيفها وتعقيمها وربما تعد أكبر مشروع سقيا في العالم، يضاف إلى هذا أن الماء المقدم يخضع لفحوصات مخبرية يومية بمختبر خاص بالحرم يجري خلاله اختيار 100 عينة عشوائية لفحصه والتأكد من سلامته مع ما يخدم من هم خارج مكة من سقيا زمزم بمجمع الملك عبدالله وهي تشحن في خطوطنا الجوية مجاناً لكل حاج ومعتمر، والمشروع الخاص بالمجمع الذي يتّسع لـ1.700.000 قارورة من سعة 10 لترات والتقنية الحديثة في توزيع المياه عبر مكائن ذاتية.
هذا غيض من فيض من منجزات وأعمال تقدم في الحرم لا تشكل 1 % من الأعمال التي تقدم في هذا الصرح الشامخ لم نكن نعرف عنها شيئاً، ومن المؤكد أن المسلمين في الخارج يجهلون هذه المعلومات، وقد قصرنا في التعريف بها، وكم نحن بحاجة إلى أعمال إعلامية تبرز هذه الجهود وتبينها.
ولعل صدور الأمر الملكي الكريم في إنشاء هيئة ملكية لتطوير مكة المكرمة والمشاعر المقدسة يكون من بين مهامها إبراز المشروعات التي بذلت في مكة المكرمة والمشاعر المقدسة.
إنّ هذه المشروعات التي تقدّم في مكة المكرمة على سبيل المثال لهي من يحق لنا أن نفخر بها كماً وكيفاً، وأتمنى أن تنال هذه المشروعات وغيرها من الأعمال والمنجزات حقها إعلامياً، لقد مللنا من تخصيص ساعات طوال شهر رمضان المبارك للتعريف بالفنان ورجل الأعمال ماذا يأكل وماذا يشرب، وكيف بدأ وكم كنت أتمنى أن هذه البرامج تم استبدالها ببرنامج يومي يعرف بمنجزاتنا وأعمالنا، بل والأدهى والأمر أن بعض الضيوف من خارج بلادنا يسيئ إلينا، وإلى ما نقدمه للحاج والمعتمر في عقر دارنا.