سلمان بن محمد العُمري
للأمن أهمية عظيمة في حياة الفرد والمجتمع والأمة فهو المرتكز والأساس لكل عوامل البناء والتنمية وتحقيق النهضة الشاملة في جميع المجالات؛ ولذا فقد امتنّ الله -عز وجل- على أهل مكة. فقال عز من قائل: {الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ}. وقال -صلى الله عليه وسلم-: «من أصبح منكم آمناً في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه فكأنّما حيزت له الدنيا».
والأمن كما هو معروف مقصد من مقاصد الشريعة الخمس، وهي: حفظ الدين، والنفس، والنسل، والمال، والعقل. وإذا اختل الأمن لم تحفظ هذه الضرورات وساد الاضطراب، ولقد أكّد علماء السلف على أهمية ذلك قال الشيخ المارودي في كتابه أدب الدنيا والدين:
«إن صلاح الدنيا وانتظام أمرها بستة أشياء أمن عام.. تطمئن إليه النفوس، وتنشر فيه الهمم، ويسكن فيه البريء، ويأنس به الضعيف فليس لخائف راحة، ولا لحاذر طمأنينة».
وإذا اختل الأمن فستسود الفوضى ويحل الخوف والاضطراب وتتغيّر القيم والأخلاق وتصبح الأرض مسبغة يأكل فيها القوي الضعيف، وتصبح مقدرات المجتمع بأيدي العابثين، وتتوقف عجلة التنمية، ويبحث أصحاب رؤوس الأموال إلى مجتمعات أكثر أمناً بل إن اختلال الأمن يؤثر في عبادات الناس التي هي الغاية من خلقهم.
وقد تضافرت النصوص القرآنية في التأكيد على أهمية الأمن وضرورته للفرد والمجتمع، وأبانت الأسباب المحققة للأمن في الدنيا والآخرة، وحذرت مما يوقع الخوف والاضطراب، ولذا فإنه من الأهمية ألا نحقق الأمن بتطبيق العقوبات والجزاءات على المخالفين بل نسعى قبل ذلك بالحرص على تنشئة المجتمع تنشئة صالحة وأن تتضافر جهود الجميع آباء ومربين ووسائل إعلام ودعاة وعلماء ورجال أمن في ترسيخ القيم ومكارم الأخلاق بهدف إيجاد المواطن الصالح الكريم الذي يمكن أن يسهم في تنمية وتطوير مجتمعه لا الإساءة إليه وللآخرين والعمل على تحقيق الأمن والاستقرار في المجتمع.
ونحن -ولله الحمد- في هذا البلد المبارك ننعم بنعم عديدة متوافرة نعمة الإسلام، والأمن والأمان، والخير الوفير. ولا نحصي هذه النعم ولا نحصي ثناء على مولانا المنعم جل جلاله، كما أنه يجب علينا أن نحافظ على هذه النعم بأن نكون صفاً واحداً متراصين متماسكين حكومةً وشعباً متعاونين على الخير {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}.
والأمن مسؤولية الجميع ليست مسؤولية الأمن خاصة برجال الأمن، وواجبنا أن نكون جميعاً أعين ساهرة على أمن بلادنا في المجالات كافة، وأن نبلغ عن كل أمر مشبوه وكل عمل مخالف ولو كان من قريب أو صديق فإن ذلك نصراً له وحفظاً له كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً»، قالوا يا رسول الله ننصره مظلوماً فكيف ننصره ظالماً؟ قال: «تحجزه عن الظلم فذلك نصرك إياه».
ونحن نعلم أن في ديننا ترغيب لإماطة الأذى عن الطريق فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «الإيمان بضع وسبعون شعبة أدناها إماطة الأذى عن الطريق وأرفعها قول لا إله إلا الله» وعن أبي برزة -رضي الله عنه- قال: قلت يا نبي الله علمني شيئاً أنتفع به، قال: «اعزل الأذى عن طريق المسلمين».
وخطوة «كلنا أمن» التي قام بها الأمن العام ستعزّز العلاقة بين أجهزة الأمن والمواطنين ابتداءً، وترسيخ ذلك في أذهان الجميع بأن الأمن مسؤولية الكل، وأن إشراك المواطن في المحافظة على أمن بلاده توكيد على الثقة فيما بين الأجهزة الأمنية والمواطنين، مما سيكون له نتائج وآثار طيبة في الحد تدريجياً من المخالفات التي ترتكب من البعض، مع يقيني أنه لن تلمس الآثار الإيجابية لهذا التطبيق إلا بعد فترة من الزمن وقد تحدث بعض المشكلات وتكثر الشكاوى في البدايات.
ولاشك إننا حينما نريد أن نفعل دور الجمهور والمجتمع بشكل عام في الإسهام مع رجال الأمن أنه لن يقبل من هبّ ودب في هذا الأمر وإلا لأصبح الأمر فوضى واحتجنا إلى جهة تقوم بمعالجة المخالفات الناشئة عن التعميم، وبكل تأكيد أنه سيكون هناك انتقاء لمن سيتم اختيارهم للمساهمة مع رجال الأمن في الرصد والبلاغ والتواصل ويجب أن يتحلى المتعاونون مع رجال الأمن بالأمانة هذه الصفة التي ذكرها الله تعالى في قوله: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ }، والقوي يشمل القوي في علمه وعمله وخبرته، والأمين يشمل الأمين في ديانته ومسؤوليته. وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: «لا إيمان لمن لا أمانة له» والذي ليس له إيمان فلا أمانة عنده.
ولا بد أن يكون من أهل الاستقامة والصلاح، ولا بد أن يكون لديه الخبرة والدراية والإحاطة فلا يكفي أن يكون من أهل الدين، ومن أهل الأمانة والصدق مع كونه لا خبرة له.
إنني إذ أقترح عقد دورات تأهيلية وورش تدريبية لمن يراد التعاون معهم مستقبلاً ويجب ألا نحرص على من يطمع في هذا العمل أو أن يكون همه الوصول بأي طريقة ليستفيد من ورائها ويحقق المكسب، ويحقق مصالحه الخاصة عن طريقها ويسيء استخدامها وبكل تأكيد بأن هذا مدرك تماماً من أهل الشأن والاختصاص في الأمن العام.
كما أنه من الأهمية بمكان أن يكون هناك شرح وافٍ لكيفية التعامل مع التطبيقات وذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حتى يسهل للمتعاملين مع البرنامج كيفية الاستخدام الصحيح من الذكور والإناث.
وأرى ضرورة تنظيم لقاءات لرجال الأمن المختصين في عقد لقاءات مع الفئات المستهدفة «الشباب» وتعريفهم بالبرنامج، وآثاره على أمن الوطن يكسب هذه الشريحة الأكثر في المجتمع، وهم الغالبية التي قد تحدث منهم المخالفات. أن يكون شركاء مع الأجهزة الأمنية.
ومن المؤكد أن تطبيق هذا المشروع سيكون تدريجياً بحيث يبدأ بمناطق ومدن محددة ويكون هناك فترة تجريبية للتقويم والتقديم وقياس الأثر واختيار عينة من المرشحين قبل تعميم المشروع.
ومع تطور التقنية الحديثة أصبح من اللازم استخدامها وتطبيقها في البلاغات وتوثيق الأحداث والمعلومات ما أمكن وإرسالها إلكترونياً عبر بوابات تواصل خاصة وبأرقام تعاملات خاصة وأمنية «مشفرة».