علي الصحن
اختتم الأخضر مشاركته في المونديال، وهي مشاركة مقبولة نوعاً ما، وإن خدشتها البداية السيئة في لقاء الافتتاح. الحضور في المونديال والوصول مع نخبة منتخبات العالم إنجاز بحد ذاته، كنا نتطلع للأفضل وتجاوز ما تحقق في مونديال 94، لكن الرياح هبت عكس ما نريد، وليس من الصالح الآن أن نتحدث عن الماضي، وأن نواصل الندم على ما فات، بل إعادة تقييمه وتقليب أوراقه والاستفادة من سلبياته وإيجابياته، من أجل المستقبل، ومن أجل مشاركات المنتخب المقبلة التي يجب أن يتجاوز فيها كل عثرات الماضي وأن يعود سيرته الأولى التي يعرفها الجميع عنه، وتحفظها القارة من أقصاها إلى أقصاها، والبداية في كأس أمم آسيا التي شهدت حضوراً ضعيفا للأخضر في النسخ الأخيرة، ولا شيء يمكن أن يرضي الشارع الرياضي إلا تحقيق اللقب الغائب منذ عام 1996م وفي الإمارات الشقيقة أيضاً.
حسناً فعل الاتحاد السعودي لكرة القدم وهو يجدد عقد مدرب الأخضر أنطونيو بيتزي حتى نهاية مشاركة المنتخب في البطولة الآسيوية المقرر انعقادها اعتباراً من الخامس من يناير المقبل، فمن شأن الاستقرار على المدرب أن يساعد على تطوير المنتخب ولاسيما أن بيتزي قد قضى عدة أشهر معه، وعرف كل شيء عنه وعن لاعبيه، وكوّن تصوراً شاملاً عن المنافسات المحلية، وعن اللاعب السعودي وقدراته، فضلاً عن أن المنتخب قد قدم مردوداً جيداً مع الرجل، إن في المونديال، أو في المباريات الودية القوية التي سبقته، ومن المؤمل أن يكون قادراً على تحقيق الإضافة الحقيقية في المرحلة المقبلة بعد أن يتوافر لديه الوقت والتركيز والقدرة على انتخاب الأفضل من اللاعبين للمنتخب.
مر المنتخب السعودي بمنعطفات صعبة في السنوات الأخيرة، يحفظ الجميع خيبات الأمل التي عاشوها بسبب نتائجه ولاسيما في بطولة أمم آسيا، لدرجة أنهم شككوا حينها في قدرته على الوصول إلى موسكو، قبل أن يفعلها ويسجل حضوراً خامساً في المونديال، وهو ما شرع أبواب الأمل بتحقيق اللقب القاري للمرة الرابعة يعد عقدين وعامين من القطيعة.
في الوقت الحالي يحصل المنتخب على مزيد من الدعم من قبل القيادة الرشيدة، حفظها الله، ومن قبل الهيئة العامة للرياضة التي لم يدخر معالي رئيسها الأستاذ تركي آل الشيخ جهداً ولا وقتاً ولا مالاً إلا وسخره للمنتخب، وهذا الدعم غير المسبوق للرياضة والرياضيين من شأنه أن يسهم في تحقيق الأمل المنشود، والعودة إلى قمة الكرة الآسيوية، وأن يكون ذلك جنباً إلى جنب مع خطوات رسم مستقبل مختلف للكرة السعودية، يضمن قدرتها على استمرار الحضور والأفضلية والتقدم على مستوى العالم، ولا شيء بالتأكيد سيقف في وجه الطموح عندما يقرن بالعزيمة ووجود التخطيط السليم، والاستفادة من كل أخطاء وعثرات الماضي وتطويعها لمصلحة المستقبل وبرامجه وأهدافه.
أغلق المنتخب مشاركته في المونديال، لكن باب الطموحات والآمال ما زال مشرعاً، وكلنا ثقة بأن الرياضة السعودية لن تقف عند نقطة معينة، وأنها ستذهب بعيداً بإذن الله... بتوفيقه أولاً ثم بدعم القيادة ثانياً، وهو كما أسلفت دعم مشهود وغير مسبوق ولابد من جني ثماره.