علي الصحن
كتبت في العاشر من مايو الجاري في هذه الزاوية مقالاً عنونته بـ «من يطفئ ديون الأندية ؟؟» أنه «في ظل الوضع الحالي للأندية، وضعف مواردها المالية، لن يكون بمقدورها سداد ديونها ولو بشكل تدريجي ما لم تتخذ حزمة من القرارات والإجراءات التي تضمن لها إطفاء تلك الديون خلال مدة زمنية معلومة».
وقلت إن «المرمى واسع والكرة في يد الأندية، فهي المطالبة أولاً وأخيراً بإصلاح حالها، وتقويم أي اعوجاج فيها، ومن المؤكد أن الهيئة العامة للرياضة ومعالي رئيسها لن يدخرا جهداً في سبيل تقديم ما ينفع ويطور العمل ويصلح الحال.. لكن الأندية يجب أن تبادر وأن تسعى وأن توسع من ملفات الاستثمار وما يضمن تعظيم الإيرادات وإطفاء جمرة الديون الملتهبة.. فهل تكون قادرة على تجاوز هذا المنعطف الصعب؟ «.
منتصف ليلة الحادي والعشرين من مايو يمكن وصفه بالتأسيس الجديد للرياضة السعودية، ونقلها من فضاء ضيق محفوف بالمخاطر، ومكبل بنتائج الأخطاء السابقة، وتراكمات المرحلة السابقة، إلى مرحلة جديدة مختلفة، أشرعت فيها أبواب الأمل، ووضع حد لصداع مزمن أرق الرياضة السعودية والأندية السعودية والقائمين عليها.
بعيداً عن مستوى ديون كل ناد ومدة قدرته على التعامل مع متطلبات المرحلة، وما تفرضه ضروريتها، وخططه لتجاوز الديون والإفلات من أي عقوبات محتملة، وبعيداً عن جماهيرية كل ناد وقدراته ومستوى إيراداته، كان سمو ولي العهد الأمين الأمير محمد بن سلمان يمر بسحابة كرمه وحكمته على واقع الرياضة السعودية، اتحاد كرتها ومنافساتها ومؤسساتها وأنديتها، ويطلع على أدق التفاصيل عن معاناتها، ويقدم لها دعماً مالياً غير مسبوق «بمبلغ إجمالي قدره مليار و277 مليونا شمل تسديد قضايا الأندية السعودية الخارجية ومستحقات لاعبي المنتخب السعودي المتأخرة من أنديتهم والحكام الأجانب الموسم المقبل، ودعم للاتحاد السعودي لكرة القدم، ودعم لكافة أندية دوري المحترفين وأندية دوري الأمير محمد بن سلمان ولرابطة دوري المحترفين».
هذه المكرمة من سمو ولي العهد تجسد حجم اهتمام القيادة بالقطاع الرياضي، ومتابعتها لأدق شؤونه، وتؤكد أيضاً أنها لا يمكن أن تتركه يواجه مشاكله لوحده، ويلاقي مصيره دون عضيد ومعين، خاصة في ظل النقلة النوعية الحالية التي يشهدها هذا القطاع منذ تولي معالي المستشار تركي آل الشيخ زمام الأمور فيه، والنقلات التي حدثت منذ السادس من سبتمبر (15 ذو الحجة) الماضي، وهي نقلات لا يمكن لأي راصد لتاريخ الرياضة السعودية تجاوزها ولو طال بها الأمد.
لقد قدمت القيادة كل شيء، وقدمت الهيئة العامة للرياضة كل شيء، فقد طويت صفحة الماضي، بصداعها وأزماتها ومؤرقاتها والبحث عن حلول لمشاكلها، وأصبحت الكرة الآن في مرمى الأندية، لكي تدرس ما حدث في الماضي، وتتفرغ للتخطيط للمستقبل وللمنافسة بعيداً عن أي أعذار، خاصة وأنها أصبحت على خط واحد من ناحية الالتزامات المالية السابقة، وكل ماهي مطالبة به هو التخطيط للمستقبل، والسعي لتدبير موارد مالية كافية تسد كل احتياجاتها، ووضع خططها ومصروفاتها بناء على حجم الإيراد الفعلي، وليس وفق سياسة صرف عشوائية، ودون قواعد واضحة ثابتة، حتى لا تكبر كرة الثلج من جديد وتعود الأندية سيرتها الأولى.
المرحلة المقبلة يجب أن تكون مرحلة عمل مؤسسي حقيقي، لا يربط الأندية بالإدارات ولا الأسماء التي تمر عليها، وتضمن سير العمل بنفس الوتيرة بغض النظر عن من يديره، وتضمن عدم العودة إلى نقطة الصفر بعد كل تغيير إداري.
المرحلة القادمة يجب أن تبنى على أرضية صلبة تضمن لها التعامل مع الواقع ومعطياته بشفافية، وبعيداً عن سياسة الوعود والتحديات التي كلفت الأندية الكثير، مرحلة يجب أن تضمن تحديد المسؤولية بوضوح حتى يتحمل كل شخص أخطاءه - إن حدثت - ويمكن محاسبته عليها.
مرحلة جديدة تدخلها الرياضة، مرحلة مختلفة، تضمن بإذن الله رفعة الرياضة السعودية وعلو شأنها وتواصل حضورها اللافت في كل الميادين، والمهم أن تتفاعل معها الأندية بالشكل المطلوب حتى تحقق كل ثمارها على المدى الطويل.