أ.د.عثمان بن صالح العامر
أعكف -مع عدد من الزملاء في جامعاتنا المتميزة هذه الأيام- على رصد الحراك الثقافي في منطقة حائل، ومع أنني عايشت بل شاركت في بعض من مفاصل هذا الحراك فإن شعوري الخاطئ لحظة المنجز بأنه لن يكون جزءا من التاريخ، فضلاً عن اعتقادي المتيقن أن اعتمادي على الذاكرة سيكون كافياً لاسترجاع ما أريد متى احتجت إليه يوماً ما، هذان السببان باختصار هما ما جعلني لا أكترث أبداً بتدوين مذكراتي الشخصية ولا أحتفظ بنسخ من التقارير الرسمية إضافة إلى التكاسل والعجز عن الكتابة اليومية المنتظمة لما قد يستجد من أحداث، سواء شخصية أو مجتمعية أو حتى عالمية ذات مساس بِنَا ولها أثر مباشر فينا أو غير مباشر، وهذه ليست خاصة بشخصي بل هي سمة في الشخصية السعودية إلا ما ندر والنادر لا حكم له.
هذا المشروع الذي يهدف إلى رصد ما هو ثقافي في المنطقة جعلني أرجع إلى شيء مما كتبه المستشرقون الذين زاروا حائل ولفت نظري دقة الرصد، والقدرة على التقاط أدق التفاصيل التي غالباً لا نفطن لها، وقرأت الأحداث بأسلوب مغاير لما اعتدنا عليه، وهذا ما جعلني أعود إلى نفسي فأندبها.
بصراحة، من الضروري ونحن نعيش زمن التسارع والتحول أن يتواكب مع هذه الإنجازات الضخمة الرصد الشخصي من قبل صناع المستقبل لما يشاركون فيه من أعمال تخطيطية أو إدارية أو تنفيذية او استشارية أو... إذ سيأتي اليوم الذي سيكون كل ما نراه واقعاً نحياه صفحات تاريخ تقرأه الأجيال.
بعيداً عن كل هذا ليكن لك أنت أياً كنت مذكراتك الشخصية والعائلية، فهي يوماً ما ستكون مرجعاً للأحداث الخاصة التي تهم مجتمعك الصغير، وكم هو جميل أن يبدأ طالب المتوسطة الكتابة في دفتر خاص لما يعتقد أنه حدث مهم في حياته فمع الزمن سيكون هذا جزءا من جدوله اليومي المعتاد؛ وبعد سنوات من عمره سيقلب في صفحات تاريخه وجزماً سيرى الأحداث ويقرأ الألفاظ بعين وفكر غير التي كانت وكان بالأمس.
شخصياً، لو عادت بي الأيام لكتبت ما كنت أعتقد حينها أنه حدث طبيعي وهو اليوم في نظري أمر مفصلي مهم يمكن منه نسج رواية أو كتابة سيرة أو عنوان فخر ورمز افتخار.
دمتم بخير، وتقبلوا صادق الود والسلام.