أ.د.عثمان بن صالح العامر
الجمعة الماضي كان العالم على موعد مع التاريخ جديد، رعى فيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حفل افتتاح بطولة كأس العالم في كرة القدم 2018 التي تنظّمها جمهورية روسيا الاتحادية، وكان من بين المدعوين لهذه المناسبة العالمية ولي عهدنا الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، وقد سبق حضور سموه الكريم المباراة الافتتاحية التي جمعت منتخبنا السعودي بمنتخب الدولة المنظمة والمستضيفة (روسيا) لقاء ثنائي جمع سمو ولي العهد بالرئيس الروسي بوتين الذي بدأ اللقاء بممازحة لسمو الأمير ذات صلة بالحدث محل الاحتفاء والاهتمام العالمي في هذا التاريخ بالذات، واختتم مزحته هذه بأن (من سيفوز من الفريقين هو القوي).
سمو سيدي الأمير محمد بن سلمان - صاحب العقلية المتقدة والذكاء المتميز والحضور الذهني الفريد- لم يرض أن يبقى في الدائرة التي ركّز عليها بوتين، بل كان جوابه في آخر حديثه المقتضب الرصين ذا دلالات ثلاث مهمة في نظري، هي بإيجاز:
* أن ما بيننا نحن في المملكة العربية السعودية وجمهورية روسيا الاتحادية ليس دائماً خاضعاً لمعادلة النصر والهزيمة خاصة في هذه المرحلة بالذات التي يمر فيها العالم أجمع بتحولات ضاغطة واضطرابات موجعة لا تخفى، ولذا فإننا نهدف من خلال هذا اللقاء إلى التوصل إلى قرار مشترك يحقق النصر لنا جميعاً ولا خاسر فيه ولا مهزوم.
* أن نتيجة المباراة مهمة، ولكن بغض النظر عمّا تكون فإن ما هو أهم مما يجري داخل المستطيل الأخضر ما يمكن أن يتحقق على مستوى العلاقة الثنائية بين روسيا والمملكة خاصة في مجال السلعة الأساسية عالمياً (النفط).
* أن في عدم تركيز سمو سيدي المباشر على نتيجة المباراة وفِي ذات الوقت عدم التقليل من شأنها خلاف ما كان من الرئيس الروسي ضماناً لخط الرجعة لو حدثت هزيمة للمنتخب السعودي وإشعاراً لبوتين بأن المجالين السياسي والاقتصادي لهما فضاؤهما الواسع الذي يجعل معادلاتهما تقبل اجتماع الأضداد حين تكون المحصلة النهائية تحقيق مصلحة الطرفين.
لقد اتخذ سمو سيدي من الحدث الذي دُعي له مدخلاً لجعل النصر ذا دلالات أوسع وأهم من نتيجة المباراة التي كنّا نتمناها ونتوقّعها غير ما كانت عليه، ولم يتحقق هذا القرار التاريخي بين البلدين القاضي بتمديد اتفاق أوبك إلى أجل غير محدد، لولا فضل الله عزَّ وجلَّ ثم حنكة وحكمة ومبادرة سمو الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز.
حفظ الله لنا قادتنا وأدام مجدنا ونصر جندنا وحمى مقدساتنا وأرضنا وألّف بين قلوبنا ووقانا شر من به شر، ودمت عزيزاً يا وطني.. وإلى لقاء والسلام.