أ.د.عثمان بن صالح العامر
كثير من المشاهد والرسائل التي تتضمن إساءة ما، شخصية كانت هذه الإساءة أو أنها ذات بعد وطني، تروج وتتداول في مواقع التواصل الاجتماعي من باب المزح والضحك، ومن ينقلونها ويبعثونها (رتويت) للمضافين لديهم من أجل إدخال البسمة عليهم، أو طلب التعليق منهم عليها، ويغيب عن بالهم أبعادها الأخرى وآثارها المستقبلية اليقينية أو المُحتملة، ولذلك مُررت على شريحة منا بعض الأفكار المضللة، وسوّقت عليهم وبهم ألفاظ مرفوضة رامية إلى هز القناعات أو النيل من الرموز أو إثارات النعرات أو إيغار الصدور أو... كل هذا حدث ويحدث بهذا الأسلوب الذي ظاهره التسلية والضحك وباطنه الشر المستطير، والمشكلة أن هناك من تشرب ما هو باطن ودخل في نسيج تفكيره، علم ذلك أو أنه ما زال به جاهلاً، والمشكلة الأخرى أن هناك من شارك ويشارك في هذه الحرب الإلكترونية، وجُند من قبل أعداء الوطن وهو لا يعلم خطورة ما بعد ضغط الزر في جهاز جواله الخاص.
إن من الكياسة والفطنة والذكاء ألا يجر من يعيش في العالم الافتراضي إلى ما يسيء ويضر سواء على المستوى الشخصي أو الرسمي، الفردي أو المجتمعي، المناطقي أو الوطني، الذكوري أو الأنثوي فنحن نخوض حرباً حقيقية وعلى جبهات عدة، والإنترنت ساحة من ساحات المنازلة والصدام، ولذا فأنت متى كنت من مرتادي السوشل ميديا أو أنك تسكن هذا العالم المفتوح فأنت جندي في الصفوف فاحذر أن تغفل ساعة فتصبح في صف أعداء الوطن، أو تجر إلى معارك جانبية فتفني طاقتك ووقتك وقدراتك فيما لا فائدة منه ولا نفع، أو يغرر بك وتخدع فتفسد من حيث ظننت الخير والصلاح والإصلاح.
أعلم أن كثيراً كتبوا عن هذا الموضوع ولكن ما زال الأمر في نظري بحاجة إلى المطارحة والتذكير والنقاش والمصارحة خاصة هذه الأيام التي بدأ البعض من المغردين والسنابيين يسخرون من نتائج المنتخب السعودي ويتجاوزون حدود المسطح الأخضر وكرة القدم لما هو ذي صلة بالبعد الوطني الذي يعد خطًا أحمر لا يجوز المساس به أو القرب منه بأي حال كان.
يجب أن نضع الأمور في نصابها الحقيقي، وألا نُحمِّل الأمر أكثر مما يحتمل، ولا ننجر وننجرف في جلد الذات وصولاً للعظم، ولا يغيب عن بالنا أن هناك طابوراً خامساً جالساً يتصيّد الأخطاء ويرصد الهفوات ويحاول أن يدغدغ المشاعر ويثير العواطف بأسلوب السخرية والضحك أو من باب الحمية المكذوبة حتى يشق الصف ويهز الثقة، والتعقل والتروي والترفع عن هذه المهاترات والمنزلقات هو الأسلوب الأمثل والمنهج الأسلم للعيش في العالم الافتراضي الذي هو كالبحر الهائج بين مد وجزر، وأنت في وسط هذه التقلبات تبحث عن طوق نجاة وصولاً لبر الأمان الذي لن يكون إلا بأخذ الخبر أياً كان من مصدره الحق، وإرجاع الأمر إلى أولي الأمر كما أمر الرب سبحانه في كتابه الكريم وعلى لسان نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، حفظ الله قادتنا وحمى أوطاننا وجعلنا صفاً متراصاً في وجه الأعداء ودمت عزيزاً يا وطني وإلى لقاء والسلام.