علي الخزيم
هو كما -رجَّح المؤرخون- عروة بن محمد بن عطية السعدي، وقال غيرهم إنه محمد بن عروة، استعمله سليمان بن عبد الملك وعمر بن عبد العزيز على اليمن والياً فلما دخلها قال مقولته الشهيرة: (يا أهل اليمن هذه راحلتي فإن خرجت بأكثر منها فأنا سارق)، قالوا: خرج -رضي الله عنه- وقد وليها سنيناً وما معه إلا سيفه ورمحه ومصحفه! أي سمو هذا الذي يروى، وأي قامات كانت تسوس العرب والمسلمين، وأي عقول كانت رمزاً للعدل والمساواة، وأي أنفس كانت تؤثر الرعية على نفسها مع خصاصتها وفقرها الذاتي؛ تنشد الحق والعدل بين الرعية وتمتثل لشرع الله سبحانه وسنة نبيه المصطفى، لم تتلوث الأيادي الكريمة والقلوب المؤمنة الصادقة بأدران دنيوية مع أنها بين تلك الأيادي غير أن النزاهة والطهر تأبى أن تدنس تلك الوجوه الطاهرة بأرجاس شيطانية وتتجاوز حدود ما شرع الله لها.
تذكرت هذا الموقف حينما فاجأت التلفزة المشاهدين بالنبأ الكبير المفرح للمواطنين كونه يبعث على الطمأنينة وأنهم دوماً بين أيدٍ أمينة، ذلكم هو الأمر الملكي من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بتشكيل لجنة عليا لمكافحة الفساد بأشكاله وصوره كافة؛ لتكوّن باختصاصاتها تكاملاً فعّالاً مع الجهات المعنية بمكافحة الفساد والقضاء على كل ما من شأنه الإضرار بالمصلحة العامة والمال العام، حفظ الله الملك العادل وولي عهده (القوي الأمين).
أثناء ذات الأمسية احترنا كمشاهدين ومستمعين بماذا نتابع من الإنجازات الوقتية تلك الليلة؟ فبين أخبار لاحقة (للنبأ) الكبير معنىً ومضموناً؛ إلى خبر النجاح الباهر لأبطال قوات الدفاع الجوي السعودي بصدهم وتدميرهم لقذيفة الغدر والحقد والعدوان الحوثية الفارسية، مروراً بخبر سعيد بفصل التوأمين السياميتين السودانيتين، فهي أخبار بليلة واحدة وخلال سويعات ليس إلاَّ! وتأتي - ولله الحمد - بين سلسلة من الأخبار المفرحة والإنجازات الباهرة السارة التي تتحقق للمواطن والمقيم برعاية كريمة من قائد النهضة ملك الحزم والعزم وحكومته الرشيدة، ومما يزيد انشراح المواطن هو أن من يرأس فريق عمليات فصل التوأمين الدكتور المتمكن عبد الله الربيعة، وهو بذات الوقت مستشاراً بالديوان الملكي ومشرفاً عاماً على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية الذي شملت أعماله الإنسانية عشرات الدول حول العالم لا سيما اليمن الشقيق، أليس هذا مما يرمز لتفوق بلادنا وتعدد مجالات تميزها وآفاق تطورها، وعلو شأنها بين الأمم والشعوب الناهضة.
أعود لأصداء الأمر الملكي بشأن لجنة مكافحة الفساد فأستذكر الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه كمثال للشهامة والعدل والإنصاف للرعية؛ كان يقول: (لا يعجبكم من الرجل طنطنته ولكن من أدى الأمانة وكف عن أعراض الناس فهو الرجل)، ومما قال: (اعرف عدوك واحذر صديقك إلا الأمين، وأشكو إلى الله ضعف الأمين وخيانة القوي)، نعوذ بالله من الغدر والخيانة فإنها بئسَتِ البطانة، ومن عرّض نفسه للتهمة ومقدمات الفساد فلا يلومنّ من أساء الظن به (وسيسألون).