د. عثمان عبدالعزيز الربيعة
المساجد بيوت الله لأنها دور عبادة، وأيّ عبادة! إقامة الصلاة التي هي عمود الإسلام وركنه الثاني. لذا هي مكان يجب إجلاله، ولسنا في حاجة للعناء في البحث عن دليل يؤكد ذلك، فهو موجود في التوجيه الرباني الذي ورد في القرآن الكريم في الآية (31) من سورة الأعراف :(يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد...الآية). وهذه الزينة وإن كان يقصد بها - كما يقول الشيخ السعدي رحمه الله - الأمر بستر العورة والتجمّل باللباس الحسن النظيف من الأدناس والأنجاس، إلا أن المغزى من ذلك - وهو إجلال بيت الله وشعيرة الصلاة - يشمل بالضرورة بيئة المسجد. وهنا أبدي ملاحظات شاهدتها أو سمعتها من مصلّين آخرين، وهي كما يلي :
1- مجيء عمال النظافة العاملين في المستشفيات أو الشوارع مباشرة للمسجد بملابس العمل وقد علقت بها آثار من أنواع النفايات يحتمل أن تؤذي المصلين من الناحية الصحية، مما يتطلّب إلزام شركات النظافة بعدم حضورهم إلى المسجد مرتدين ملابس العمل. مثل هذه الملابس لا تقل إيذاءً عن رائحة الثوم التي يكره مجيء صاحبها إلى المسجد مع أنه لا ضرر منها صحياً. وليس في هذا أيّ تمييز، فالمسجد للكلّ مع تجنّب ما يؤذي المصلّين.
2- نلاحظ أن بعض المصلين يفرش طرف غترته على مكان سجوده في المسجد رغم الفرش الجيد النظيف. والسبب فيما يظهر يعود لتحاشي أثر مواطئ الأقدام المبلّلة أو المتعرّقة، وكذلك الغبار المترسّب أسفل طبقة أهداب السجاد. وهي ملاحظة قد لا تمثّل أهمية إلا لنفر قليل من المصلين.
3- في رمضان وقت صلاة العشاء والتراويح توضع القوارير والكؤوس المعبأة بمياه الشرب أمام صفوف المصلين لإرواء عطشهم. هل لاحظتم كيف يتخطّاها المصلون عند التحرك من مكان لآخر ؟ إنهم يسحبونها بأطراف ثيابهم ويلوّثون بذلك مكان وضع الفم للشرب منها. الأصح هو أن توضع على رفوف أمام المصلين أو على جوانب المسجد، ولن يضرّ العطشان شيء لو قام وشرب الماء حيث يكون موضوعاً؛ ومع وجود البرّادات فإني أشك فى جدوى جلب هذه القوارير، سواءً في رمضان أو غيره، لأن مصيرها أن تُرمى فارغة في الشارع (جزاء سنمّار!).
4- التكييف -وما أدراك ما التكييف!
أ- بعض المساجد تركّب مكيفات جدارية عمودية تنفث بقوة في وجوه المصلين بالصف الأول أو قريباً جدّاً منهم في أطراف الصفوف. لا أحد يجهل التأثير السيّئ لتيار الهواء المباشر حتى لو كان البعض يشعر بالانتعاش، مع أن آخرين يشعرون بالبرد وليس الانتعاش. وفي رمضان فإن وقت صلاة التراويح والتهجد والفجر أطول من أن يتحمّل المصلّي أذى التيار المباشر، ولا عبرة هنا ببرمجة الترموستات على (25) درجة مثلاً لأن التيار المباشر من مسافة قريبة يكون أبرد كثيراً.
ب- أصعب ما يواجهه المصلون فى المساجد المزدحمة - خاصة وقت صلاة الجمعة - هو مشكلة التهوية. فالمكيفات المركزية تنفث هواءها فوق المصلين وتبقى النوافذ مقفلة، ولا يوجد مراوح سقفية تحرّك الهواء، لكن مراوح المكيفات تشفط هواء المسجد المختلط بالأنفاس والروائح ثم تعيد نفثه بارداً على المصلين.
5- بعض المساجد -خاصة الجوامع وقت صلاة الجمعة أو حين تزدحم بالمصلين الذين يقصدونها في ليالي رمضان للاستماع إلى قرّاء جيّدي التلاوة - لا يوجد بها مخارج طوارئ غير الأبواب العاديه التي هي أصلاً غير كافية أو ضيقة.
6- بعض الجوامع تكتظ بالمصلين وقت صلاة الجمعة لدرجة تجبر عدداً كبيراً من المصلين على المكوث مدة الخطبة والصلاة في ساحة مكشوفة بالمسجد لا تُطاق فيها حرارة شمس الصيف، فهي حال لا تليق بالعبادة ولا بالمسجد ولا بصحة المصلين. ولعل وزارة الشؤون الإسلامية تلزم القائمين على هذه المساجد بتركيب أسقف زجاجية عازلة للحرارة، وهي نافعة أيضاً في حالة المطر.