سعد بن عبدالقادر القويعي
مرة بعد مرة، منعت السلطات الإيرانية مواطنيها من شرف الوصول إلى الأراضي المقدسة؛ لأداء فريضة الحج، وشعيرة العمرة، وذلك بعد امتناعها عن التوقيع على محضر الاتفاق الخاص بالالتزامات المطلوبة؛ لضمان قيام حجاج إيران بأداء هذه الفريضة بأمن، وسلام مع حجاج العالم الإسلامي، دون إدراك لفهم مقاصد العبادات في الإسلام، - وخصوصاً - فريضة الحج، باعتباره ركناً أساسياً من أركان الإسلام، واستخدامه كشعارات سياسية، ونعرات طائفية تخرجه عن المنهج الإسلامي.
جاءت النتائج سلبية بعد إعلان - وزير الثقافة الإيراني - علي جنتي - قبل أيام -، بأن: «الإيرانيين لن يؤدوا الحج إلى مكة المكرمة هذه السنة»؛ ليترجم ترجمة حقيقية عن رغبة السلطات الإيرانية في تعكير صفو الحج، ومضايقة ملايين الحجاج القادمين من جميع بقاع الأرض، وإحداث الفوضى، والبلبلة بين صفوفهم. وهو دليل واضح من نظام ولاية الفقيه الإيراني بتفريغ الشعيرة المقدسة من مضمونها الروحي العميق، والتأكيد على تسويق الشعارات السياسية، والعمل على بث الفوضى، وإثارة الفتن الطائفية المقيتة بين الحجاج الآمنين.
وسط دعوات طائفية من مراجع في الحوزة الدينية؛ لمقاطعة موسم الحج للضغط على المملكة سياسياً، فإن هدف إيران من المنع عائد لأسباب سياسية؛ هدفه إحراج السلطات السعودية أمام المسلمين، وأمام العالم، وإظهارها بأنها تمنع الحجاج الإيرانيين أداء واحدة من أهم أركان الإسلام الخمسة. مع أن السعودية سخرت كل إمكاناتها المادية، والبشرية لخدمة ضيوف الرحمن، وضمان أمنهم، وسلامتهم، وراحتهم خلال أدائهم مناسك الحج، والعمرة.
تاريخياً، ثمة دولة واحدة هي التي تسعى؛ لإفساد الحج، واستهداف أرواح الحجاج، إذ لا يكاد يمر موسم من مواسم الحج، إلا وتكون هناك مشكلة متصلة بالحجاج الإيرانيين؛ لأنهم - مع الأسف - يريدون جعلها ساحة مفتوحة لممارسة ما يخالف هذه الشعيرة، وإحالته من مناسبة دينية صرفة إلى مناسبة سياسية، وورقة للتفاوض، والضغط؛ من أجل العبث بالأوراق، وخلط المسائل، وتوزيع الشعارات العدائية؛ لتفريق الأمة الإسلامية، حتى لو كان الثمن أرواحاً بريئة تزهق، أو ممتلكات تدمر هنا، وهناك.
لإيران سجلٌّ حافل في اختراق مبادئ شعيرة الحج، وهي لا تريد - عمدا - أن تدرك أن الحج فريضة دينية مقدسة لدى جميع المسلمين، لا ينبغي ربطها بالمواقف، والخلافات السياسية بين الدول؛ ولأنها ترغب في استغلال ملف هذه الشعيرة الدينية؛ لتحقيق ذلك، فإن حق المملكة العربية السعودية في منع أي تسييس للحج، ومحافظتها على سلامة الحجاج من أية جهة كانت - سياسية، أم دينية -، هو حق سيادي مشروع، لا يجب التنازل عنه.