سعد بن عبدالقادر القويعي
هكذا هو منوال الحياة، ففي كل يوم نشيع غاديا، ورائحا على الله قد قضى نحبه، وانقضى أجله، بعد أن اجتمعنا في دهاليز الحياة، ثم افترقنا؛ ليرحل عنا الطيبون في كل مرة، وعلى غير العادة دون أن يودعونا، إنه الرجل الشفيف، الرقيق، صاحب القلب الكبير - الشيخ - محمد بن مطلق الزامل، بعد أن ملأ دنياه خلقا وفضلاً، وفكراً.
كان الشيخ - رحمه الله - على خلق رفيع، بشوشا، بساما عند اللقاء، طيب المجالسة، يشعرك بلطف لفظه، وحسن استقباله بأنك الصديق الوفي، الذي اشتاق لرؤيته، بل ويعطي كل من يقابله حقه من المعاملة الحسنة، وينزل الناس منازلهم، ويعرف لهم قدرهم، ويقضي حوائجهم. كما تميز الشيخ ببسمات، وأخلاق أخرى لا تزيد سيرته إلا حسنا، وعطرا، وعن الدفء المعبر به فى حديثه الناعم الباعث على الطمأنينة.
يحدثني والدي عن والده - رحمه الله -: أنه كان من نوادر الرجال، ومن يعرفه عن قرب، يجد أنه ذلك الإنسان النبيل، الذي عينه - الأمير - عبدالعزيز بن مساعد - رحمه الله - مسؤولا عن جمع الزكوات في منطقة القصيم، فقد كان صاحب أريحية في تلبية نداء الواجب، في الكثير من مناسبات البذل، والعطاء. كما يحدثني والدي عن الفقيد محمد - رحمه الله - : أنه كان كان رفيق دربه، ومؤنس وقته، وجليسه في كل حين، لا يملّ حديثه، ولا يتعب من مجالسته. ثم يذكرني بأنه كان أحد أبناء الوطن المخلصين، ورجالات الدولة الناصحين، بذل شطراً من عمره تقدر بأربعين عاما في وزارة الدفاع، تنقل خلالها في العديد من المواقع القيادية؛ لينهي حياته العملية مديرا لمطار حائل.
رحل الشيخ الحكيم بجسده عنا؛ ولكن ذكراه الطيبة، ودماثة خلقه، وأمثلته الحكيمة التي لاتنسى، سوف تبقى بيننا نبراسا؛ فطيب معشره، وسماحة محياه، وكريم خصاله، وإيثاره على النفس، وحب الآخرين، وإصلاح ذات البين، تعزز تلك الشهادات التي أدلى بها كل من عرف الفقيد من قريب، أو بعيد.
فيا شيخنا، وأنت في عالمك الذي اختاره لك الله - جل في علاه -، وسمت روحك فوق كل منعرجات الحياة؛ فالله ندعو لك: أن يرحمك فوق الأرض، وتحت الأرض، ويوم العرض، وأن يقيك عذابه يوم يبعث عباده، وأن ينور لك قبرك، ويوسع مدخلك، ويؤنس وحشتك، إنه سميع مجيب.