سعد بن عبدالقادر القويعي
دخول ميليشيات الحشد الشعبي التي تساندها إيران -الدولة- بحرسها الثوري، وكبار مستشاريها العسكريين، -إضافة- إلى خبراء يقودهم -الجنرال- قاسم سليماني -قائد فيلق القدس ضمن الحرس الثوري-؛ لاستعادة السيطرة على مدينة الفلوجة -ذات الغالبية السنية من قبضة تنظيم الدولة الإسلامية-، كفيلة بإخراج العملية من إطارها المعلن إلى إطار صراع الطائفية، والتي تصب في مصلحة إيران الساعية إلى إضعاف العراق، ومعه سوريا -في الوقت ذاته-، وهو الدور الذي يزيد من ترسيخ الهويات المذهبية في المنطقة.
إن الخلط المتعمد أعلاه، وكأن الحرب في الفلوجة هي حرب بين الشيعة، والسنة، سيولد اصطفافا غير واقعي لصالح أجندات إقليمية أخرى، لا علاقة لها بمعركة الفلوجة -البتة-، وسيغيب الإلحاح العسكري، وسيعتبره غير ناضج سياسياً، حتى وإن ظل هدفاً مشتركاً لأطراف عديدة مختلفة النوايا، والأهداف، وهو ما حذّر منه آية الله العظمى علي السيستاني -الزعيم الديني الشيعي البارز-، والذي يعيش في النجف في جنوب العراق، ويُقال إنه: «قَلِق إزاء الدور المتنامي لإيران في العراق»، وذلك في بيان استثنائي صدر عن مكتبه يوم الأربعاء 25 مايو/ أيار 2016م.
إضفاء الطابع الطائفي على معركة الفلوجة، هو ما يؤكده سعي دولة إيران؛ لتحقيق مشروعها التكاملي في العراق، وسوريا؛ لإعادة رسم خريطة سايكس - بيكو جديدة في المنطقة، وإخضاع الدول العربية لحقيقة الأمر الواقع، بعد أن برز التحول الذي أحدثه ملالي إيران، بإقامة حكومة للشيعة تحت مبدأ «ولاية الفقيه»، والذي نقل أدوار الشيعة من الظل إلى الضوء، ومن المذهبية الغائبة إلى السياسية الطائفية، ومن ردود الفعل إلى الفعل ابتداء.
أمام عدسات العالم أجمع، تجري إدارة الحرب الطائفية في العراق بتدخل إيراني واضح، وصريح، ومروع، والتي ستنتج عنها كارثة دموية كبرى بعد الاجتياح الميليشياوي القادم للفلوجة، بعد أن تم الإعداد له وفق نفس، ومنهج طائفي واضح الدلالة، والأبعاد؛ فثمة حقائق تثبت أن كافة القوى في صفوف الحشد الشعبي تتفق مع هذا التوجه، وذلك في سياق تبرير الجرائم الطائفية.
إن تعمد تغييب روابط الدم، والتاريخ، والجغرافيا التي جمعت أبناء الرافدين، والعبث بتعايش التنوع التاريخي في البنية العرقية، والطائفية، هو ما أكدته العديد من وسائل الإعلام الأجنبية، التي ألقت الضوء على وجود محاولات عديدة؛ للزج بالمعركة إلى اعتبارها معركة طائفية؛ لتكون لها أبعادها السياسية، وأخرى الجيواستراتيجية، والتي تتصل بصراع النفوذ الدائر على العراق، وما حوله.