سعد بن عبدالقادر القويعي
عندما يوصي ملتقى «الإرهاب والتنظيمات الإرهابية: الخطر والمواجهة»، الذي نظمه مجلس الشورى السعودي في مقره بالرياض - قبل أيام -، وبحضور عدد من أعضاء مجالس الشورى، والنواب، والوطني، والأمة في دول مجلس التعاون الخليجي، بدراسة إنشاء مركز متخصص؛ للتدريب على مواجهة الإرهاب الإلكتروني فكريا، والاستفادة من تجربة «حملة السكينة» في المملكة العربية السعودية بما يناسب الدول، والمجتمعات الخليجية الأخرى، فهي دعوة مستمرة؛ لإزالة المسببات، وذلك من خلال صياغة استراتيجية فاعلة، تعمل في البيئة الأمنية الدولية المعقدة، وتعمل على مواكبة توسع، وتعدد، وتنوع مجال الأهداف التي يمكن استهدافها.
وعندما يتعلق الأمر بالإرهاب الإلكتروني، فإن الأمر يكون في غاية الصعوبة؛ نظرا لتنامي الدور الذي تلعبه مواقع التواصل الاجتماعي في نشر أفكار، ومبادئ التنظيمات الإرهابية، وتوظيفه في الدعاية، والتجنيد، وجمع الأموال، والمعلومات، وبناء الشبكات، والاتصال الداخلي، الأمر الذي يستلزم التركيز على المواجهة الهادئة مع الإرهاب، - خصوصا - وقد أصبح الإرهاب الإلكتروني واقعا يفرض نفسه على الدول، والأمم، والشعوب، وذلك من خلال دحض أفكاره، وعزله عن المجتمع، مع ضرورة بثّ أفكار مضادة لما يروّج الإرهابيون له.
يعتبر الإرهاب الإلكتروني جريمة مستجدة، متعدية الحدود، عابرة للدول، والقارات، وغير خاضعة لنطاق إقليمي محدود، كما أنه لا يقل خطرا عن الإرهاب الواقعي الذي يترجم عن طريق التفجير، والخطف، والتخويف. - وفي تقديري - أن الإرهاب الإلكتروني تحركه دوافع سياسية، بعد أن أصبح واقعا يفرض نفسه على الدول، والأمم، والشعوب؛ فتحولت الحروب الواقعية إلى حروب رقمية، كما تحولت المواجهة المادية المباشرة إلى المواجهة الإلكترونية.
لن يتوقف الوجود الإرهابي على الشبكة العنكبوتية؛ كونه استطاع اختراق جميع الحواجز، والقيود التي تُسيطر على المجتمعات؛ نتيجة ضعف بنية الشبكات المعلوماتية، وقابليتها للاختراق، وغياب الحدود الجغرافية، وتدني مُستوى المُخاطرة، وسهولة الاستخدام، وقلة التكلفة، وصعوبة اكتشاف، وإثبات الجريمة في هذا النوع من الإرهاب.
مما سبق، يتضح لنا أن العالم - دولا وشعوبا - أصبح أمام تحد كبير، بل إن دور المجتمع الدولي في دعم الاستخدام السلمي للفضاء الإلكتروني مطلب مهم، وهو ما تؤكد عليه - الكاتبة - ريهام التهامي، باعتبار أن غياب اتفاقية واضحة على المستوى الدولي؛ للتعامل مع ظاهرة الفضاء الإلكتروني، وتنظيم استخدامها، وتوضيح الحقوق، والواجبات، قد يجعل الدول لا تشعر بأي التزام للتعاون مع غيرها، ومن ثم فإن عدم التعاون يشكل جزءا مهما من تعقيد المشكلة. - كذلك - يجب حث، ودعم جهود كافة الفاعلين في مجتمع المعلومات العالمي؛ من أجل الحفاظ على الطابع السلمي للفضاء الإلكتروني، وهو ما يستلزم تعاون الدول، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني، والأفراد؛ من أجل بيئة آمنة، وموثوقة في الفضاء الإلكتروني.