يوسف المحيميد
بعدما تلقيت دعوة من الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، بحضور أمير منطقة الرياض، احتفالا باكتمال المسار الأخضر في مترو الرياض، وتحدثت مع بعض قادة الموقع من الخبرات الوطنية، اكتشفت حجم العمل وصعوبته، ومستوى الإنجاز المستمر، وطموح هؤلاء ليس فقط في إنجاز المشروع في وقته، أو متأخرا لعدة أشهر، وإنما في تشغيله وإدارته، وإنجاحه، فكما قال لي أحدهم نقلا عن أحد منجزي مشروعات المترو في العالم، إن كل دولار يتم صرفه على مثل هذه المشروعات العملاقة، يتم استعادته ثلاثة دولارات، فمشروعات النقل مرتبطة بالإنسان، وهو لا يستغني عنها إطلاقا، ونجاحها بإدارة متمكنة ومتجددة هو نجاح حقيقي للتنمية في هذه الدول.
نعم مشروع المترو لا يحل أزمة النقل في مدينة ضخمة ومتمددة كالرياض، وإنما يضيف دخلا إلى موازنة الدولة، وضمن الدخل المتوقع من الإيرادات غير البترولية، وبما يخدم ويحقق جزءا من التحول الوطني 2020، أو على مدى أبعد، ضمن رؤية المملكة 2030. وهو لا يقتصر على الدخل المباشر الذي يحققه النقل العام، وإنما الدخل غير المباشر بإنشاء مناطق جذب تجارية جديدة قرب محطات المترو، كما يحدث في جميع دول العالم.
السؤال الذي يتم طرحه، حيث الإجابة عليه تحدد مستويات النجاح، هو كيف سيتحول هذا المشروع إلى عمل مؤسسي؟ كيف ستتم إدارته بشكل ذكي، ومتجدد، يراعى حجم الطلب على خطوط أكثر من غيرها؟ كيف ستتواجد فرق فنية وإدارية على مدار الساعة من أجل ضمان نجاحه وعدم تعثره؟ كيف يمكن استثمار كل شيء، وكل جزء، في المترو بالاستئناس بتجارب دول العالم، بما فيها الجانب الإعلاني.
كثيرا ما كنت أرى أن واجهة أي مدينة هو نقلها العام، بدءا من استقبال الضيف في مطاراتها، ونقله إلى مقر سكنه، وحتى تنقلاته المريحة، وتعامله مع سكان هذه المدينة، فاكتمال مشروع المترو، وحافلات النقل العام، وإعادة بناء العمل المروري، وفرض ضوابطه وقوانينه، وإحكام الرقابة على خطوط السير، بالذات خطوط الحافلات ذات المسار المخصص، بعدم تجاوز أصحاب المركبات الخاصة، واستخدام خطوط سير هذه الحافلات، هو ما سيحقق النجاح للمشروع بأكمله، لأنه لا يمكن فصل النقل العام بشكل شامل، المترو والحافلات، عن الأنظمة المرورية المطبقة.
كنت أتساءل كيف سنضبط التزام أصحاب المركبات الصغيرة بالقيادة المسؤولة، ونضمن عدم تعديهم على مسار الحافلات المخصصة، وهم الذين يستهترون ويتطاولون على استخدام خطوط الطوارئ في الطرق السريعة في الرياض؟ أي ما وراء الخط الأصفر، أو ما يسمى كتف الطريق؟ كيف سنوقف هؤلاء؟
قال لي أحد المشرفين على تنفيذ المترو، إن هناك كاميرات ساهر في جميع التقاطعات، لرصد حالات التعدي على مسار الحافلات المخصصة، وكذلك وجود كاميرا في مقدمة كل حافلة، بمعنى أن الرقابة مزدوجة، من الرقابة التقليدية «ساهر» وكذلك من إدارة المشروع نفسه، وهذا قد يضبط احترام مسار الحافلات، خاصة إذا خصص لها غرامة كبيرة، وهو الذي تعمل عليه إدارة المشروع بإقرار جميع المخالفات في استخدام المترو، والغرامات المترتبة على ذلك، من أجل الحفاظ عليه، وعلى سلاسة عمله وتقديم خدماته على أكمل وجه للمواطنين.